أحدها: أنه ألف درهم، تأويلاً لقوله تعالى: {إِن تَرَكَ خَيْراً}، أن الخير ألف درهم وهذا قول عليّ (?)، وقتادة (?).

والثاني: من ألف درهم إلى خمسمائة درهم، وهذا قول إبراهيم النخعي (?).

والثالث: أنه غير مقدر وأن الوصية تجب في قليل المال وكثيره، وهذا قول الزهري (?)، وأبي مجلز (?)، وقد قال بذلك: الطبري (?)، والبيضاوي (?)، وابن العربي (?)، وغيرهم.

واحتجوا عليه بوجهين (?):

الأول: أن الله تعالى أوجب الوصية فيما إذا ترك خيرا، والمال القليل خير، يدل عليه القرآن والمعقول:

أما القرآن: فقوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [الزلزلة: 7 ـ 8]، وأيضا قوله تعالى: {لما أنزلت إلى من خير فقير}، وقوله: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].

وأما المعقول: فهو أن الخير ما ينتفع به، والمال القليل كذلك فيكون خيرا.

الحجة الثانية: أن الله تعالى اعتبر أحكام المواريث فيما يبقى من المال قل أم كثر، بدليل قوله تعالى: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا} [النساء: 7] فوجب أن يكون الأمر كذلك في الوصية.

والراجح-والله أعلم- هو قول الزهري ومن وافقه من أهل التفسير، وذلك لإطلاق الآية وعدم التقييد فيها بقلة أو كثرة، ونِعَم الله قليلها وكثيرها كلها خير ولا شك، فـ"قليلَ المال وكثيره يقع عليه {خيرٌ}، ولم يحدّ الله ذلك بحدٍّ، ولا خص منه شيئًا فيجوز أن يحال ظاهر إلى باطن. فكلّ من حضرته منيَّته وعنده مالٌ قلّ ذلك أو كثر، فواجبٌ عليه أن يوصي منه لمن لا يرثه من آبائه وأمهاته وأقربائه الذين لا يرثونه بمعروف، كما قال الله جل ذكره وأمرَ به" (?).

قوله تعالى: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180]، " أي وجب عليه الإِيصاء للوالدين والأقربين" (?).

قال السعدي: أي: " فعليه أن يوصي لوالديه وأقرب الناس إليه" (?).

قال المراغي: أي: " أن توصوا للوالدين وذوى القربى" (?).

وقد اختلفوا في تفسير قوله تعالى: {وَالأقْرَبِينَ} [البقرة: 180]، على أقوال (?):

أحدها: أنهم الأولاد، فعلى هذا أمر الله تعالى بالوصية للوالدين والأولاد وهو قول عبد الرحمن بن زيد عن أبيه، وهو قول المفسرين (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015