قال الطبري: أي" ولكم، فيما فرضتُ عليكم وأوجبتُ لبعضكم على بعض، من القصاص في النفوس والجراح والشجاج، مَا مَنع به بعضكم من قتل بعض، وقَدَع بعضكم عن بعض، فحييتم بذلك، فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة" (?).

قال ابن كثير: أي" وفي شَرْع القصاص لكم - وهو قتل القاتل - حكمة عظيمة لكم، وهي بقاء المُهَج وصَوْنها؛ لأنه إذا علم القاتلُ أنه يقتل انكفّ عن صنيعه، فكان في ذلك حياة النفوس، وفي الكتب المتقدمة: القتلُ أنفى للقتل، فجاءت هذه العبارة في القرآن أفصح، وأبلغ (?)، وأوجز" (?).

قال الصابوني: " وأيُّ حياة لأنه من علم أنه إِذا قتل نفساً قُتل بها يرتدع وينزجر عن القتل، فيحفظ حياته وحياة من أراد قتله وبذلك تُصان الدماء وتحفُظ حياة الناس" (?).

قال أبو حيان: " الحياة التي في القصاص هي: أن الإنسان إذا علم أنه إذا قَتَلَ قُتِلَ، أمسك عن القتل، فكان ذلك حياة له، للذي امتنع من قتله، فمشروعية القصاص مصلحة عامة، وإبقاء القاتل والعفو عنه مصلحة خاصة به، فتقدّم المصلحة العامة لتعذر الجمع بينهما" (?).

قال السعدي: "تنحقن بذلك [أي القصاص] الدماء، وتنقمع به الأشقياء، لأن من عرف أنه مقتول إذا قتل، لا يكاد يصدر منه القتل، وإذا رئي القاتل مقتولا انذعر بذلك غيره وانزجر، فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل، لم يحصل انكفاف الشر، الذي يحصل بالقتل، وهكذا سائر الحدود الشرعية، فيها من النكاية والانزجار، ما يدل على حكمة الحكيم الغفار" (?).

قال الواحدي: " إن سافكَ الدم إذا أُقيد منه ارتدع من كان يهمّ بالقتل، فكان في القصاص بقاءٌ؛ لأنه إذا علم أنه إن قَتَل قُتِلَ أَمْسَكَ وارتدع عن القتل، ففيه حياةٌ للذي همّ بقتله، وحياةٌ للهامّ أيضًا، وقد أخذ الشاعر هذا المعنى ونقله عن القصاص إلى العتاب فقال (?):

أبلغ أبا مالك عنى مُغَلغَلةً ... وفي العتاب حياة بين أقوام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015