قال الشيخ السعدي: وخرج من عموم هذا، الأبوان وإن علوا، فلا يقتلان بالولد، لورود السنة بذلك، مع أن في قوله: {الْقِصَاصُ} ما يدل على أنه ليس من العدل، أن يقتل الوالد بولده، ولأن في قلب الوالد من الشفقة والرحمة، ما يمنعه من القتل لولده إلا بسبب اختلال في عقله، أو أذية شديدة جدا من الولد له، وخرج من العموم أيضا، الكافر بالسنة، مع أن الآية في خطاب المؤمنين خاصة ... وأيضا فليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه، والعبد بالعبد، ذكرا كان أو أنثى، تساوت قيمتهما أو اختلفت، ودل بمفهومها على أن الحر، لا يقتل بالعبد، لكونه غير مساو له، والأنثى بالأنثى، أخذ بمفهومها بعض أهل العلم فلم يجز قتل الرجل بالمرأة" (?).

قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} [البقرة: 178]: يعني: "فأيّ قاتل عفي له من دم أخيه شيء سقط القصاص"" (?) (?).

قال ابن عثيمين: " وحينئذ على العافي اتباع بالمعروف عند قبض الدية، بحيث لا يتبع عفوه منًّا، ولا أذًى؛ فـ (المعفو عنه) هو القاتل؛ فقوله {مِنْ أَخِيهِ} المراد به المقتول - أي من دم أخيه، و {شَيْءٌ} نكرة في سياق الشرط؛ فتعم كل شيء قليلاً كان، أو كثيرا ً (?) ... والاتباع بالمعروف يكون على ورثة المقتول؛ يعني إذا عفوا فعليهم أن يَتَّبعوا القاتل بالمعروف" (?).

قال الشيخ السعدي: " أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية، أو عفا بعض الأولياء، فإنه يسقط القصاص، وتجب الدية، وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي، وفي قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} "ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأحسن من ذلك العفو مجانا" (?).

وفي تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} [البقرة: 178]، ثلاثة أقوال (?):

أحدها: فمن عفي له عن القصاص منه فاتّباع بمعروف وهو أن يطلب الولي الدية بمعروف ويؤدي القاتلُ الدية بإحسان، وهذا قول ابن عباس (?)، ومجاهد (?)، والحسن (?)، والشعبي (?)، وقتادة (?)، والربيع (?)، وعطاء (?)، وابن زيد (?).

والثاني: أن معنى قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}، بمعنى: فمن فضل له فضل، وهذا تأويل من زعم أن الآية نزلت في فريقين كانا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قتل من كلا الفريقين قتلى فتقاصّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015