قال قتادة: " كما أحيا الله الأرض الميتة بهذا الماء، كذلك [يحيي] الله عز وجل الناس يوم القيامة" (?).

قال الواحدي: " أراد بموت الأرض: جدوبتها ويبوستها، فسماها موتا مجازا، وذلك أن الأرض إذا لم يصبها مطر لم تنبت، ولم تنم نباتا، وكانت من هذا الوجه كالميت، وإذا أصابها المطر أنبتت، ونحو هذا قوله: {وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت} [الحج: 5]، فلما وصفت بالاهتزاز وهو الحركة عند نزول الماء، توصف عند إمساك الماء بالسكون، والعرب تسمي السكون موتا، قال الشاعر (?):

إني لأرجو أن تموت الريح ... فأسكن اليوم وأستريح

فيجوز أن يراد بالموت في هذه الآية: ضد الاهتزاز الذي وصفت به عند نزول الماء، ولما سمى ذلك موتا سمى إزالتها إحياء ليتجانس اللفظ " (?).

قال الشيخ ابن عثيمين: " وفي إحياء النبات آيات كثيرة: آيات دالة على الرحمة؛ وآيات دالة على الحكمة؛ وآيات دالة على القدرة" (?):

الأول: آيات دالة على الرحمة: لما في هذا الإحياء من المنافع العظيمة؛ لقوله تعالى: {أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعاً لكم ولأنعامكم} [النازعات: 31، 33]، وقوله تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صباً ... } [عبس: 24] إلى قوله تعالى: {متاعاً لكم ولأنعامكم}؛ فكم من نعم كثيرة في هذه الزروع التي أحياها الله سبحانه وتعالى بالمطر لنا، ولأنعامنا قوتاً، ودواءً، وغير ذلك.

والثاني: وآيات دالة على الحكمة: وهو أن حياة الأرض جاءت بسبب - وهو الماء الذي نزل؛ فمنه نأخذ أن الله - جل وعلا - يخلق بحكمة، ويقدّر بحكمة؛ الله - جل وعلا - قادر على أن يقول للأرض: «أنبتي الزرع» فتنبت بدون ماء؛ لكن كل شيء مقرون بسبب؛ فكونه جلا وعلا ربط إحياء الأرض بنزول الماء يدل على الحكمة، وأن كل شيء له نظام خاص لا يتعداه منذ خُلق إلى أن يأذن الله تعالى بخراب العالم.

الثالث: وآيات دالة على القدرة: وهي أنك ترى الأرض خاشعة هامدة سوداء شهباء ما فيها شيء؛ فإذا أنزل الله عليها المطر؛ تأتي إليها بعد نحو شهر تجدها تهتز أزهاراً، وأوراقاً، وأشجاراً: قال تعالى: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير} [فصلت: 39]؛ وهذه قدرة عظيمة؛ واللَّهِ! لو أن البشر من أولهم إلى آخرهم اجتمعوا على أن يخرجوا ورقة واحدة من حبة لما استطاعوا؛ وحبة تنبت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة؛ أليس هذا دليلاً على القدرة العظيمة! ! ! (?).

قوله تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: 164]، " أي نشر في الأرض من الدواب المتنوعة" (?).

قال الصابوني: " أي نشر وفرّق في الأرض من كل ما يدب عليها من أنواع الدواب، المختلفة في أحجامها وأشكالها وألوانها وأصواتها" (?).

قال ابن كثير: أي: نشر من الدواب المتنوعة، "على اختلاف أشكالها وألوانها ومنافعها وصغرها وكبرها، وهو يعلم ذلك كله ويرزقه لا يخفى عليه شيء من ذلك، كما قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6] " (?).

قال السعدي: "وهو دليل على قدرته وعظمته، ووحدانيته وسلطانه العظيم، وسخرها للناس، ينتفعون بها بجميع وجوه الانتفاع، فمنها: ما يأكلون من لحمه، ويشربون من دره، ومنها: ما يركبون، ومنها: ما هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015