والثاني: وقيل: واحده: فلك، مثل أسد وأسد، وخشب وخشب، وأصله من الدوران، ومنه: فلك السماء التي تدور عليه النجوم. وفلكت الجارية استدار ثديها، ومنه فلكة المغزل، وسميت السفينة فلكا، لأنها تدور بالماء أسهل دور (?).

وتخصيص {الْفُلْكِ} بالذكر، "لأنه سبب الخوض فيه والاطلاع على عجائبه، ولذلك قدمه على ذكر المطر والسحاب، لأن منشأهما البحر في غالب الأمر، وتأنيث الْفُلْكِ لأنه بمعنى السفينة" (?).

قال القرطبي: " ووجه الآية في الفلك: تسخير الله إياها حتى تجري على وجه الماء ووقوفها فوقه مع ثقلها" (?).

ويحتمل {في}، في قوله تعالى: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} [البقرة: 164]، وجهان (?):

أحدهما: أن المعنى تسير؛ في جوف البحر، على الأصل.

قال ابن عثيمين: "فالغواصات تجري في البحر بما ينفع الناس وهي في جوفه؛ لأنه يقاتل بها الأعداء، وتحمى بها البلاد؛ وهذا مما ينفع الناس.

الثاني: ويجوز أن تكون (في) بمعنى (على)، أي على سطح البحر، كقوله تعالى: {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام} [الشورى: 32].

قال ابن عثيمين: " وهذه أيضاً من آيات الله؛ سفن محملة بالآدميين، والأمتعة، والأرزاق، تجري على سطح الماء بدون تقلب، أو إزعاج غالباً! هذا من آيات الله؛ وقد حدث في عصرنا هذا ما هو أعظم آية، وأكبر منه؛ وهو الفلك الذي يجري في الهواء؛ فإذا أشار الله سبحانه وتعالى إلى شيء من آياته في أمر فما هو أعظم منه يكون أقوى دلالة على ذلك؛ وها هو الطير مسخراً في جو السماء لا يمسكه إلا الله من آيات الله، كما قال تعالى: {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} [النحل: 79]؛ هذه الطيور لا تحمل إلا نفسها، فجعلها الله سبحانه وتعالى آية؛ فكيف بهذه الطائرات! تكون أعظم، وأعظم" (?).

وقرئ {الْفُلُكِ} بضمتين على الأصل، أو الجمع، وضمة الجمع غير ضمة الواحد عند المحققين" (?).

قوله تعالى: {بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} [البقرة: 164]، "أي بما فيه مصالح الناس" (?).

قال مقاتل: " في معايشهم" (?).

قال الواحدي: " أي: بالذي ينفعهم، من ركوبها، والحمل عليها في التجارات، وينفع الحامل؛ لأنه يريح، والمحمول إليه؛ لأنه ينتفع بما حمل إليه" (?).

قال القرطبي: أي: " أي بالذي ينفعهم من التجارات وسائر المآرب التي تصلح بها أحوالهم" (?).

قال ابن عطية: " هي التجارات وسائر المآرب التي يركب لها البحر من غزو وحج، والنعمة بالفلك هي إذا انتفع بها، فلذلك خص ذكر الانتفاع إذ قد تجري بما يضر" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015