شُكُورًا} [سورة الفرقان: 62]، بمعنى: أن كل واحد منهما يخلف مَكان صاحبه، إذا ذهب الليل جَاء النهارُ بعده، وإذا ذهب النهارُ جاء الليل خلفه. ومن ذلك قيل: خلف فلانٌ فلانًا في أهله بسوء، ومنه قول زهير (?):

بِهَا العِينُ وَالآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً ... وَأَطْلاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَم

الثاني: أنه أراد: اختلافهما في الطول والقصر، والنور والظلمة، والزيادة والنقصان. قاله ابن كيسان (?)، وعطاء (?).

قال ابن عثيمين: " واختلاف الليل، والنهار أيضاً في الطول، والقصر، كما قال تعالى: {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} [الحج: 61] على وجه خفي لا يشعر الناس به: يزداد شيئاً فشيئاً، وينقص شيئاً فشيئاً - ليست الشمس تطلع فجأة من مدار السرطان، وفي اليوم التالي مباشرة من مدار الجدي! ولكنها تنتقل بينهما شيئاً فشيئاً حتى يحصل الالتئام، والتوازن، وعدم الكوارث؛ فلو انتقلت فجأة من مدار السرطان إلى مدار الجدي لهلك الناس من حر شديد إلى برد شديد؛ والعكس بالعكس؛ ولكن الله - جل وعلا - بحكمته، ورحمته جعلها تنتقل حتى يختلف الليل والنهار على حسب ما تقتضيه حكمته ورحمته" (?).

قوله تعالى: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} [البقرة: 164]، أي: إن في السفن التي تسير في البحر (?).

قال أبو مالك: " {الفلك}: السفينة" (?). وروي عن سعيد بن جبير مثله (?).

قال مقاتل: " يعني السفن التي في البحر" (?).

قال الصابوني: " أي السفن الضخمة الكبيرة التي تسير في البحر على وجه الماء وهي موقرةٌ بالأثقال" (?).

و(الفلك): "هي السفن والمراكب ونحوها، مما ألهم الله عباده صنعتها، وخلق لهم من الآلات الداخلية والخارجية ما أقدرهم عليها" (?).

واختلف في مفرد (الفلك) على قولين (?):

أحدهما: أن واحدُه وجمعه بلفظ واحد، فتطلق على المفرد، كما في هذه الآية؛ وعلى الجمع، كما في قوله تعالى: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} [يونس: 22]، ويذكَّر ويؤنث كما قال تعالى ذكره في تذكيره في آية أخرى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [سورة يس: 41]، فذكَّره (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015