والراجح" أنّ الله تعالى ذكره نَبَّه عباده على الدلالة على وَحدانيته وتفرده بالألوهية، دون كل ما سواه من الأشياء بهذه الآية. وجائزٌ أن تكون نزلت فيما قاله عطاء، وجائزٌ أن تكون فيما قاله سعيد بن جبير وأبو الضحى، ولا خبرَ عندنا بتصحيح قول أحد الفريقين يقطع العذرَ، فيجوز أن يقضيَ أحدٌ لأحد الفريقين بصحة قولٍ على الآخر. وأيُّ القولين كان صحيحًا، فالمراد من الآية ما قلت" (?).

قوله تعالى: {خَلْقِ السَّمَاوَاتِ الأرْضِ} [البقرة: 164]، أي "إن في إنشاء السموات والأرض وابتداعهما" (?).

قال الصابوني: " أي إِن في إِبداع السماوات والأرض بما فيهما من عجائب الصنعة ودلائل القدرة" (?).

قال ابن عثيمين: "أي إيجادهما من عدم؛ ويشمل ذلك بقاءهما، وكيفيتهما، وكل ما يتعلق بهما من الشيء الدال على علم الله سبحانه وتعالى، وقدرته، وحكمته، ورحمته" (?).

قال الشيخ السعدي: أي: "في ارتفاعها واتساعها، وإحكامها، وإتقانها، وما جعل الله فيها من الشمس والقمر، والنجوم، وتنظيمها لمصالح العباد، وفي خلق (الأرْضِ) مهادا للخلق، يمكنهم القرار عليها والانتفاع بما عليها، والاعتبار. ما يدل ذلك على انفراد الله تعالى بالخلق والتدبير، وبيان قدرته العظيمة التي بها خلقها، وحكمته التي بها أتقنها، وأحسنها ونظمها، وعلمه ورحمته التي بها أودع ما أودع، من منافع الخلق ومصالحهم، وضروراتهم وحاجاتهم. وفي ذلك أبلغ الدليل على كماله، واستحقاقه أن يفرد بالعبادة، لانفراده بالخلق والتدبير، والقيام بشئون عباده" (?).

و(السموات) جمع سماء، وتقدم أنها سبع؛ و (الأرض) مفرد يراد به الجنس؛ فيشمل السبع.

قال البيضاوي: " إنما جمع {السموات}، وأفرد {الأرض}، لأنها طبقات متفاصلة بالذات مختلفة بالحقيقة بخلاف الأرضين" (?).

قوله تعالى: {اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [البقرة: 164]، " أي: تعاقبهما بنظام محكم" (?).

قال البيضاوي: أي" تعاقبهما، والقصد به إلى الاستدلال بالبحر وأحواله" (?).

قال السعدي: " وهو تعاقبهما على الدوام، إذا ذهب أحدهما، خلفه الآخر، وفي اختلافهما في الحر، والبرد، والتوسط، وفي الطول، والقصر، والتوسط، وما ينشأ عن ذلك من الفصول، التي بها انتظام مصالح بني آدم وحيواناتهم، وجميع ما على وجه الأرض، من أشجار ونوابت، كل ذلك بانتظام وتدبير، وتسخير، تنبهر له العقول، وتعجز عن إدراكه من الرجال الفحول، ما يدل ذلك على قدرة مصرفها، وعلمه وحكمته، ورحمته الواسعة، ولطفه الشامل، وتصريفه وتدبيره، الذي تفرد به، وعظمته، وعظمة ملكه وسلطانه، مما يوجب أن يؤله ويعبد، ويفرد بالمحبة والتعظيم، والخوف والرجاء، وبذل الجهد في محابه ومراضيه" (?).

وفي تفسير {وَاخْتِلَافِ}، في قوله تعالى: {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار} وجهان (?):

أحدهما: أنه (إفتعال)، من (خُلوف) كل واحد منهما الآخر، من قولهم: خلَفه يخلُفه، إذا ذهب الأول وجاء الثاني خلافه، أي: بعده، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015