5 - ومنها: إثبات اسمين من أسماء الله؛ وهما {الرحمن الرحيم}.
6 - ومنها: إثبات ما تضمنه هذان الاسمان من الصفة - وهو الرحمة - والحكم: أنه يرحم بهذه الرحمة.
7 - ومنها: أنه قد يكون للاسم من أسماء الله معنًى إذا انفرد؛ ومعنًى إذا انضم إلى غيره؛ لأن {الرحمن} لو انفرد لدل على الصفة، والحكم؛ وإذا جمع مع {الرحيم} جُعل {الرحمن} للوصف؛ و {الرحيم} للفعل.
القرآن
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)} [البقرة: 164]
التفسير:
إن في خلق السماوات بارتفاعها واتساعها، والأرض بجبالها وسهولها وبحارها، وفي اختلاف الليل والنهار من الطول والقصر، والظلمة والنور، وتعاقبهما بأن يخلف كل منهما الآخر، وفي السفن الجارية في البحار، التي تحمل ما ينفع الناس، وما أنزل الله من السماء من ماء المطر، فأحيا به الأرض، فصارت مخضرَّة ذات بهجة بعد أن كانت يابسة لا نبات فيها، وما نشره الله فيها من كل ما دبَّ على وجه الأرض، وما أنعم به عليكم من تقليب الرياح وتوجيهها، والسحاب المسيَّر بين السماء والأرض -إن في كل الدلائل السابقة لآياتٍ على وحدانية الله، وجليل نعمه، لقوم يعقلون مواضع الحجج، ويفهمون أدلته سبحانه على وحدانيته، واستحقاقه وحده للعبادة.
اختلف أهل التفسير في سبب نزول هذه الآية الكريمة على أقوال (?):
أحدها: أنزلها عليه احتجاجًا له على أهل الشرك به من عبدة الأوثان.
قال عطاء: "نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة: {وإلهكم إله واحدٌ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}، فقال كفار قريش بمكة: كيف يَسعُ الناسَ إله واحد؟ فأنزل الله تعالى ذكره: " إنّ في خَلق السموَات والأرض واختلاف الليل والنهار "، إلى قوله: " لآياتٍ لقوم يَعقلون "، فبهذا تعلمُون أنه إله واحدٌ، وأنه إله كل شيء، وخالق كل شيء" (?).
الثاني: أنها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، من أجل أنّ أهلَ الشرك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم [آية]، فأنزل الله هذه الآية، يعلمهم فيها أنّ لهم في خَلق السموات والأرض وسائر ما ذكر مع ذلك، آيةً بينةً على وحدانية الله، وأنه لا شريك له في ملكه، لمن عَقل وتدبَّر ذلك بفهم صحيح.
أخرج ابن مَرْدُويه عن ابن عباس قال: "أتت قريش محمدًا صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد إنما نريد أن تدعو ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا، فنشتري به الخيل والسلاح، فنؤمن بك ونقاتل معك. قال: "أوثقوا لي لئِنْ دعوتُ ربي فجعلَ لكم الصفا ذهبًا لتُؤْمنُنّ بي" فأوثقوا له، فدعا ربه، فأتاه جبريل فقال: إن ربك قد أعطاهم الصفا ذهبًا على أنهم إن لم يؤمنوا بك عذبهم عذابًا لم يعذبه أحدًا من العالمين. قال محمد صلى الله عليه وسلم: "ربّ لا بل دعني وقومي فلأدعهم يومًا بيوم". فأنزل الله هذه الآية: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} الآية" (?).
وأخرج الطبري عن أبي الضحى (?)، وعطاء بن أبي رباح (?)، وسعيد (?)، والسدي (?)، نحو ذلك.