قال الزجاج: " واللعنة هي إبعاد الله، وإبعاده عذابه" (?).

قال ابن عطية: " واللعنة في هذه الآية تقتضي العذاب" (?).

قوله تعالى: {وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161]، يعني "ولَعنهم الملائكةُ والناس أجمعون" (?).

قال الطبري: " ولعنة الملائكة والناس إياهم قولهم: عليهم لعنة الله" (?).

قال الثعلبي: " أي ولعنة الملائكة، والناس أجمعين" (?).

قال الزجاج: " المعنى لعنة الملائكة ولعنة الناس أجمعين ... قيل: إنهم يلعنونه في الآخرة، كما قال عز وجل: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [العنكبوت: 25] " (?).

قال أبو العالية: "إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله، ثم تلعنه الملائكة، ثم يلعنه الناس أجمعون" (?). وروي عن قتادة (?) نحوه.

قال المراغي: " والسر في التعبير بلعن الملائكة والناس، مع أن لعن الله وحده يكفى في خزيه، الدلالة على أن جميع من يعلم أحواله من العوالم العلوية والسفلية يراه أهلا للعن الله ومقته، فلا يشفع له شافع ولا يرحمه راحم، فهو قد استحق اللعن لدى جميع من يعقل ويعلم، ومن استحق النكال من الرب الرءوف الرّحيم، فماذا يرجو من سواه من عباده؟ " (?).

و(الملائكة): "عالم غيبي خُلِقوا من نور؛ وهم محجوبون عن الإنس؛ وربما يرونهم إما على الصورة التي خلقوا عليها، كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته التي خلِق عليها له ستمائة جناح (?) قد سد الأفق (?)؛ وإما على صورة أخرى، كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورة دحية الكلبي (?)؛ وهم عباد لله عزّ وجلّ لا يستكبرون عن عبادته، ولا يستحسرون؛ يسبحون الليل والنهار لا يفترون؛ لا يأكلون، ولا يشربون؛ صُمْدٌ - أي لا أجواف لهم؛ والملائكة عليهم السلام لهم وظائف، وأعمال خصهم الله سبحانه وتعالى بها؛ فإسرافيل، وميكائيل، وجبريل موكلون بما فيه الحياة؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح صلاة الليل بقوله: «اللهم رب جَبرائيل وميكائيل وإسرافيل ... » (?) الحديث؛ لأن هؤلاء الثلاثة موكلون بما فيه الحياة؛ والبعث من النوم حياة؛ ولهذا ناسب أن يكون هذا الاستفتاح في أول عمل يعمله الإنسان بعد أن توفاه الله عزّ وجلّ بالنوم؛ وهؤلاء الثلاثة أحدهم مكلف بما فيه حياة القلوب - وهو جبريل - والثاني بما فيه حياة الأبدان - وهو إسرافيل - والثالث بما فيه حياة النبات - وهو ميكائيل - وأفضلهم جبريل - ولهذا امتدحه الله عزّ وجلّ بقوله تعالى: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين} [التكوير:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015