19، 20]، وبقوله تعالى: {فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً} [مريم: 17]؛ فجبريل أفضل الملائكة على الإطلاق" (?).
وإن قيل: فليس يلعنهم جميع الناس لأن قومهم لا يلعنونهم، قيل: عن هذا جوابان (?):
أحدهما: أن اللعنة من أكثر الناس يطلق عليها لعنة جميع الناس، فغلب حكم الأكثر على الأقل.
والثاني: أن المراد به يوم القيامة يلعنهم قومهم مع جميع الناس كما قال تعالى: {يَومَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضِ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [العنكبوت: 25].
واختلف في تفسير قوله تعالى {وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161]، على وجوه (?):
أحدها: أن المراد بـ {النَّاسِ أَجْمَعِينَ}: أهلَ الإيمان به وبرسوله خاصة، دون سائر البشر. قاله قتادة (?)، والربيع (?).
وضعّفه الطبري فقال: هذا" قولٌ ظاهرُ التنزيل بخلافه، ولا برهان على حقيقته من خبر ولا نظر. فإن كان ظن أن المعنيَّ به المؤمنون، من أجل أن الكفار لا يَلعنون أنفسهم ولا أولياءهم، فإن الله تعالى ذكره قد أخبر أنهم يَلعنونهم في الآخرة. ومعلومٌ منهم أنّهم يَلعنون الظَّلمة، وداخلٌ في الظَّلمة كل كافر، بظلمه نفسه، وجحوده نعمةَ ربه، ومخالفته أمرَه" (?).
الثاني: أن ذلك يومَ القيامة، يُوقَفُ على رءوس الأشهاد الكافرُ فيلعنه الناس كلهم. قاله أبو العالية " (?)، وقتادة (?).
الثالث: أن ذلك قول القائل كائنًا من كان: " لَعنَ الله الظالم "، فيلحق ذلك كل كافر، لأنه من الظَّلمة. وهذا قول السدي (?).
والراجح أنه عنى الله بذلك جَميعَ الناس، وهو قولهم: " (لعن الله الظالم - أو الظالمين)، لأن كلّ أحد من بني آدم لا يمتنع من قيل ذلك كائنًا من كان، ومن أي أهل ملة كان، فيدخل بذلك في لعنته كلّ كافرٍ كائنًا من كان، لأن الله تعالى ذكره أخبر عمن شَهدهم يوم القيامة أنهم يلعنونهم فقال: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] " (?).
وقرئ {والملائكةُ والناسُ أجمعون}، عطفاً على محل اسم الله، لأنه فاعل في المعنى، كقولك أعجبني ضرب زيدٍ وعمرو، أو فاعلاً لفعل مقدر نحو وتلعنهم الملائكة (?).
قال الزجاج: " وهو جيد في العربية إلا أني أكرهه لمخالفته - المصحف، والقراءة، إنما ينبغي أن يلزم فيها السنة، ولزوم السنة فيها أيضا أقوى غند أهل العربية، لأن الإجماع في القراءة إنما يقع على الشيء الجيد البالغ ورفع الملائكة في قراءة الحسن على تأويل: أولئك جزاؤهم أن لعنهم الله والملائكة، فعطف الملائكة على موضع إعراب لله في التأويل" (?).