قوله تعالى: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 159]، أي: "أولئك يُبعدهم الله منه ومن رحمته" (?).
قال السعدي: أي: "يبعدهم ويطردهم عن قربه ورحمته" (?).
قال ابن عثيمين: أي: " يطردهم ويبعدهم عن رحمته" (?).
قال الطبري: أي"
قال أبو السعود: " أي يطردهم ويبعدهم من رحمته" (?).
قال الصابوني: "أي: أولئك الموصوفون بقبيح الأعمال، الكاتمون لأوصاف الرسول، المحرّفون لأحكام التوراة يلعنهم الله فيبعدهم من رحمته" (?).
قال القرطبي: "أي: يتبرأ منهم ويبعدهم من ثوابه ويقول لهم: عليكم لعنتي، كما قال للّعين: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي} [ص: 78] " (?).
وأصل (اللعن) في اللغة الإبعاد والطرد، كما قال الشماخ بن ضرار، وذكر ماءً ورَد عليه (?):
ذَعَرْتُ بِهِ القَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ ... مَقَامَ الذِّئْبِ كَالرَّجُلِ الَّلعِينِ
يعني: مقامَ الذئب الطريد. و (اللعين) من نعت (الذئب)، وإنما أراد: مقام الذئب الطريد واللعين كالرَّجل (?).
وقال النابغة (?):
فبت كانني خرج لعين ... نفاه الناس أو أدنف طعين
قال الثعلبي: " فمعنى قولنا: لعنه الله: أي طرده وأبعده وأصل اللعنة ما ذكرنا ثم كثر ذلك حتى صار قولا" (?).
قوله تعالى (وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} [القرة: 159]، أي: " ويسألُ ربَّهم اللاعنون أنْ يلعنهم" (?).
قال الطبري والثعلبي: " أي: يسألون الله أن يلعنهم ويقولون: اللهم العنهم" (?).
قال أبو السعود: " أي الدعاء عليهم باللعن من الملائكة ومؤمني الثقلين والمراد بيان دوام اللعن واستمراره" (?).
قال ابن عثيمين: " أي يسألون لهم اللعنة؛ وهم أيضاً بأنفسهم يبغضونهم، ويعادونهم، ويبتعدون عنهم" (?).
قال الصابوني: أي: " وتلعنهم الملائكة والمؤمنون" (?).
قال المراغي: أي: " ويستوجبون بأعمالهم الدعاء عليهم باللعن من الملائكة والناس أجمعين" (?).
قال البيضاوي: " أي: الذين يتأتى منهم اللعن عليهم من الملائكة والثقلين" (?).
قال السعدي: أي: "يسألون لهم اللعنة؛ وهم أيضاً بأنفسهم يبغضونهم، ويعادونهم، ويبتعدون عنهم، فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة، لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم، وإبعادهم من رحمة الله، فجوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير، يصلي الله عليه وملائكته، حتى الحوت في جوف الماء، لسعيه في مصلحة الخلق، وإصلاح أديانهم، وقربهم من رحمة الله، فجوزي من جنس عمله، فالكاتم لما أنزل الله، مضاد لأمر الله، مشاق لله، يبين الله الآيات للناس ويوضحها، وهذا يطمسها فهذا عليه هذا الوعيد الشديد" (?).
واختلفوا في هؤلاء اللاعنين على أقوال (?):
أحدها: أنهم كل شيء في الأرض من حيوان وجماد إلا الثقلين الإنس والجن، وهذا قول ابن عباس (?)، والضحاك (?)، والبراء بن عازب (?)، ومقاتل بن سليمان (?).
والثاني: اللاعنون: الاثنان إذا تلاعنا لحقت اللعنة مستحقها منهما، فإن لم يستحقها واحد منهما رجعت اللعنة على اليهود، وهذا قول ابن مسعود (?).
والثالث: أنهم البهائم، إذا يبست الأرض قالت البهائم هذا من أجل عُصاةِ بني آدم، وهذا قول مجاهد (?)، وعكرمة (?).
الرابع: أنهم: كل دابة والجن والإنس. قاله عطاء (?).
الخامس: أنهم عباد الله أجمعون. قاله الحسن (?).
السادس: أنهم المؤمنون من الإنس والجن، والملائكة يَلعنون مَنْ كَفَر بالله واليوم الآخر، وهذا قول قتادة (?)، والربيع بن أنس (?)، وأي العالية (?)، واختاره ابن عطية (?)، والزجاج (?)، وآخرون.
قال ابن عطية: " وهذا ظاهر واضح جار على مقتضى الكلام ... [وأما الأقوال الأخرى]، فلا يقتضيها اللفظ ولا تثبت إلا بسند يقطع العذر" (?).