الثاني: وقيل بالعمرة. قاله ابن زيد (?).

الثالث: وقيل: بالحج والعمرة بعد قضاء الواجب عليه (?).

الرابع: وقيل: بالسعي بين الصفا والمروة، وهذا قول من أسقط وجوب السعي، لما فهم الإباحة في التطوف بهما من قوله: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، حمل هذا على الطواف بهما، كأنه قيل: ومن تبرع بالطواف بينهما (?).

الخامس: بالسعي في الحجة الثانية التي هي غير واجبة (?).

السادس: وقيل: المراد تطوع خيرًا في سائر العبادات. قاله الحسن (?).

والقول الأخير أولى بالصواب، لأنه أوفق لعموم اللفظ. والله تعالى أعلم.

قال الشيخ ابن عثيمين: " وتخصيص التطوع بالمستحب اصطلاح فقهي؛ أما في الشرع فإنه يشمل الواجب، والمستحب" (?).

وفي قوله تعالى: {تَطَوَّعَ} [البقرة: 158]، وجهان من القراءة (?):

أحدهما: {يطوع} بالياء وجزم العين، قرأ بها حمزة والكسائي ويعقوب، وتقديره: يتطوع، إلا أن التاء أدغمت في الطاء لتقاربهما، مثل يطوف (?).

قال الرازي: "وهذا أحسن، لأن المعنى على الاستقبال والشرط والجزاء الأحسن فيهما الاستقبال، وإن كان يجوز أن يقال من أتاني أكرمته فيوقع الماضي موقع المستقبل في الجزاء، إلا أن اللفظ إذا كان يوافق المعنى كان أحسن" (?).

والثاني: {تطوع}، قرأ بها الباقون، على وزن (تفعل)، ماضيا.

وعلى هذه القراءة فإن قوله {تطوع}، يحتمل أمرين (?):

أحدهما: أن يكون موضع (تطوع) جزما.

الثاني: أن لا يجعل (من) للجزاء، ولكن يكون بمنزلة (الذي) ويكون مبتدأ و (الفاء) مع ما بعدها في موضع رفع لكونها خبر المبتدأ الموصول والمعنى فيه معنى مبتدأ الخبر، إلا أن هذه الفاء إذا دخلت في خبر الموصول أو النكرة الموصوفة، أفادت أن الثاني إنما وجب لوجوب الأول كقوله: {وما بكم من نعمة فمن الله} [النحل: 53]، فـ (ما) مبتدأ موصول، و (الفاء) مع ما بعدها خبر له (?).

قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158]، أي: إن الله"مثيب على الطاعة، لا تخفى عليه" (?).

قال الصابوني: "أي إِنه سبحانه شاكرٌ له طاعته ومجازيه عليها خير الجزاء، لأنه عليم بكل ما يصدر من عباده من الأعمال فلا يضيع عنده أجر المحسنين" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015