قال ابن كثير: أي: "يثيب على القليل بالكثير (عَلِيمٌ) بقدر الجزاء فلا يبخس أحدا ثوابه و {لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40] " (?).

قال ابن عثيمين: "أي: فالله يشكر؛ وشكره تعالى أنه يثيب العامل أكثر من عمله؛ فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله {عَلِيمٌ}، أي ذو علم؛ وعلمه تعالى محيط بكل شيء؛ لقوله تعالى: {وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً} [الطلاق: 12] " (?).

قال أبو السعود: " أي مجاز على الطاعة عبر عن ذلك بالشكر مبالغة في الإحسان إلى العباد، {عليم} مبالغ في العلم بالأشياء فيعلم مقادير أعمالهم وكيفياتها فلا ينقص من أجورهم شيئا" (?).

قال المراغي: أي: " فإن الله يجازيه على الإحسان إحسانا، وهو العليم بمن يستحق هذا الجزاء، وفي التعبير عن إحسان الله على عباده بالشكر - تعويدهم الآداب العالية والأخلاق السامية، إذ أن منفعة عملهم عائدة إليهم، وهو مع ذلك قد شكرهم عليه" (?).

قال الرازي: أي: "أنه يعلم قدر الجزاء فلا يبخس المستحق حقه لأنه تعالى عالم بقدره وعالم بما يزيد عليه من التفضل، وهو أليق بالكلام ليكون لقوله تعالى: {عليم} تعلق بشاكر، ويحتمل أنه يريد أنه عليم بما يأتي العبد فيقوم بحقه من العبادة والإخلاص وما يفعله لا على هذا الحد، وذلك ترغيب في أداء ما يجب على شروطه، وتحذير من خلاف ذلك" (?).

روي عن قتادة. قوله: {شاكر عليم}، قال: إن الله لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا" (?).

وعنه كذلك: " لا شيء أشكر من الله، ولا أجزأ لخير من الله عز وجل" (?).

وقرن (العلم) بـ (الشكر)، لاطمئنان العبد إلى أن عمله لن يضيع فإنه معلوم عند الله، ولا يمكن أن يضيع منه شيء؛ يعني: إذا عَلم العامل أن الله تعالى شاكر، وأنه عليم، فإنه سيطمئن غاية الطمأنينة إلى أن الله سبحانه وتعالى سيجزيه على عمله بما وعده به، ويعطيه أكثر من عمله (?).

قال أبو حيان: " وشكر الله العبد بأحد معنيين: إما بالثواب، وإما بالثناء. وعلمه هنا هو علمه بقدر الجزاء الذي للعبد على فعل الطاعة، أو بنيته وإخلاصه في العمل. وقد وقعت الصفتان هنا الموقع الحسن، لأن التطوّع بالخير يتضمن الفعل والقصد، فناسب ذكر الشكر باعتبار الفعل، وذكر العلم باعتبار القصد، وأخرت صفة العلم، وإن كانت متقدمة، على الشكر، كما أن النية مقدمة على الفعل لتواخي رؤوس الآي" (?).

وفي إعراب قوله تعالى: {خيراً} [البقرة: 158]، وجهان (?):

الوجه الأول: أن تكون منصوبة بنزع الخافض؛ والتقدير: ومن تطوع بخير فإن الله شاكر عليم.

والوجه الثاني: أن تكون مفعولاً لأجله - أي ومن تطوع لأجل الخير، وطلبه فإن الله شاكر عليم.

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: مشروعية الطواف بين الصفا، والمروة؛ ويؤخذ ذلك من كونه من شعائر الله؛ وهل هو ركن، أو واجب، أو سنة؟ اختلف في ذلك أهل العلم على أقوال ثلاثة؛ فقال بعضهم: إنه ركن من أركان الحج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015