وفي قوله تعالى: {أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]، وجهان من القراءة (?):
أحدهما: {أن يطوّف}. قراءة الجمهور.
والثاني: {أن لا يطوّف}، قرأ بها أنس وابن عباس وابن سيرين وشهر، وكذلك هي في مصحف أبي وعبد الله، وخرج ذلك على زيادة (لا)، نحو: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا}؟ أي: "ما منعك أن تسجد" (?).
قال أبو عبيدة: " والعرب تضع (لا) فى موضع الإيجاب، وهى من حروف الزوائد، قال أبو النجم (?):
فما ألوم البيض ألّا تسخرا ... ممّا رأين الشمط القفندرا
أي: ما ألوم البيض أن يسخرن، القفندر: القبيح السّمج، وقال الأحوص (?):
ويلحيننى فى اللهو ألّا أحبّه ... وللهو داع دائب غير غافل
أراد: فى اللهو أن أحبه، قال العجاج (?):
فى بئر لا حور سرى وما شعر
الحور: الهلكة، وقوله لا حور: أي فى بئر حور، و «لا» فى هذا الموضع فضل" (?).
قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البقرة: 158]، " أي: ومن أكثر من الطاعة بالزيادة على الواجب" (?).
قال الصابوني: "أي: من تطوّع بالحج والعمرة بعد قضاء حجته المفروضة عليه، أو فعل خيراً فرضاً كان أو نقلاً" (?).
قال مقاتل: أي: " ومن تطوع خيرا بعد الفريضة فزاد في الطواف" (?).
قال البيضاوي: " أي فعل طاعة فرضاً كان أو نفلاً، أو زاد على ما فرض الله عليه من حج أو عمرة، أو طواف أو تطوع بالسعي إن قلنا إنه سنة" (?).
قال أبو السعود: " أي فعل طاعة فرضا كان أو نفلا أو زاد على ما فرض عليه من حج أو عمرة أو طواف" (?).
قال أبو حيان: " التطوّع: ما تترغب به من ذات نفسك مما لا يجب عليك" (?).
وقد تعددت آراء العلماء في تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البقرة: 158]، على وجوه (?):
أحدها: قيل: بالنفل على واجب الطواف، قاله مجاهد (?).