قال المراغي: " والسرّ في التعبير بنفي الجناح الذي يصدق بالمباح، مع أن السعى بينهما إما فرض كما هو رأى مالك (?) والشافعي (?) أو واجب كما هو رأى أبي حنيفة (?)، الإشارة إلى بيان خطأ المشركين الذين كانوا ينكرون كون الصفا والمروة من الشعائر، وأن السعى بينهما من مناسك إبراهيم، وذلك لا ينافي الطلب الجازم" (?).

واختلف أهل العلم في وجوب طواف (الصفا والمروة)، على ثلاثة أقوال (?):

أحدها: أنه سنة، قاله احمد، وبه قال أنس وابن عباس (?)، عبدالله بن الزبير (?)، وعطاء (?)، ومجاهد (?)، وعاصم (?)، وأنس بن مالك (?) رضي الله عنهم (?).

وحجتهم: قوله تعالى: {فَلا جُناحَ عَلَيْهِ}، فإنه يفهم منه التخيير.

قال البيضاوي: " وهو ضعيف، لأن نفي الجناح يدل على الجواز الداخل في معنى الوجوب، فلا يدفعه" (?).

الثاني: أنه واجب، يجبر بالدم. وهذا مذهب أبي حنيفة (?)، والثوري (?).

الثالث: أنه ركن. وهذا قول مالك (?)، والشافعي (?) رحمهما الله (?).

واجتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" (?).

قال أبو حيان: " ومن ذهب إلى أنه ركن، أو واجب يجبر بالدم، أو إن ترك أكثر من ثلاثة أشواط فعليه دم، أو ثلاثة فأقل فعليه لكل شوط إطعام مسكين، يحتاج إلى نص جلي ينسخ هذا النص القرآن" (?).

والراجح: "أنّ الطواف بهما فرض واجب، وأن على من تركه العوْد لقضائه، ناسيًا كان، أو عامدًا. لأنه لا يُجزيه غير ذلك، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حج بالناس، فكان مما علمهم من مناسك حَجّهم الطوافُ بهما" (?). والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015