أحدها: أنهم المهتدون إلى الاسترجاع. وهذا قول سعيد بن جبير (?)، ومقاتل (?).

الثاني: وقيل: إلى الجنة والثواب.

الثالث: وقيل: إلى الحق والصواب.

الرابع: المهتدون إلى تسهيل المصائب وتخفيف الحزن (?).

الخامس: المهتدون إلى استحقاق الثواب وإجزال الأجر (?).

وكان عمر بن الخطاب إذا قرأ هذه الآية قال: " نعم العدلان، ونعم العلاوة" (?).

قال ابن عطية: " أراد بالعدلين: الصلاة والرحمة، وبالعلاوة: الاهتداء" (?).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: بيان حكمة الله عزّ وجلّ فيما يبتلي به العباد.

2 - ومنها: عظم ثواب الصبر؛ لقوله تعالى: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة}.

3 - ومنها: إثبات رحمة الله عزّ وجلّ؛ وهي صفة حقيقية ثابتة لله؛ بها يرحم من يشاء من عباده؛ ومن آثارها حصول النعم، واندفاع النقم.

4 - ومنها: الثناء على الصابرين بأنهم هم المهتدون الذين اهتدوا إلى ما فيه رضا الله وثوابه.

5 - قال الشيخ السعدي: " ودلت هذه الآية، على أن من لم يصبر، فله ضد ما لهم، فحصل له الذم من الله، والعقوبة، والضلال والخسار، فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين، وأعظم عناء الجازعين، فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها، لتخف وتسهل، إذا وقعت، وبيان ما تقابل به، إذا وقعت، وهو الصبر، وبيان ما يعين على الصبر، وما للصابر من الأجر، ويعلم حال غير الصابر، بضد حال الصابر، وأن هذا الابتلاء والامتحان، سنة الله التي قد خلت، ولن تجد لسنة الله تبديلا وبيان أنواع المصائب" (?).

القرآن

{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} [البقرة: 158]

التفسير:

إن الصفا والمروة- وهما جبلان صغيران قرب الكعبة من جهة الشرق- من معالم دين الله الظاهرة التي تعبَّد الله عباده بالسعي بينهما. فمَن قصد الكعبة حاجًّا أو معتمرًا، فلا إثم عليه ولا حرج في أن يسعى بينهما، بل يجب عليه ذلك، ومن فعل الطاعات طواعية من نفسه مخلصًا بها لله تعالى، فإن الله تعالى شاكر يثيب على القليل بالكثير، عليم بأعمال عباده فلا يضعها، ولا يبخس أحدًا مثقال ذرة.

اختلف في سبب نزول هذه الآية على أقوال (?):

أحدها: قالت: عائشة-رضي الله عنها-: "أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015