ومثله قوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [الزخرف: 80]. فذكر السر والنجوى، لإشباع المعنى، والاتساع في اللفظ (?).

وكما قال: {مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: 159]، فعطف قوله: {وبينات}، على {هدى}، هو من عطف الخاص على العام؛ لأن (الهدى) منه خفي ومنه جلي، فنص بـ (البينات) على الجلي من الهدى؛ لأن القرآن مشتمل على المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، فذكر عليه أشرف أنواعه، وهو الذي يتبين الحلال والحرام والموعظة. قال السمين الحلبي معللاً الغرض من هذا العطف: "لأن الهدى يكون بالأشياء الخفية والجلية، والبينات من الأشياء الجلية" (?).

فيمكن القول بأن تكرار {لرحمة} في قوله تعالى: {صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}، هو لما اختلف اللفظ، تأكيدا وإشباعا للمعنى، أي: "من باب عطف العام على الخاص؛ لأن الثناء عليهم في الملأ الأعلى من الرحمة" (?).

والصلاة منّا: دعاء، ومن الله تعالى: رحمة، وأنشد الأزهري في تفسير هذه الآية قول الشاعر (?):

صلّى على يحيى وأشياعه ... ربٌّ كريمٌ وشفيعٌ مُطاعْ

معناه: ترحم عليه على الدعاء، لا على الخبر (?).

قال ثعلب عن ابن الأعرابي: "الصلاة من الله رحمة، ومن المخلوقين: الملائكة والإنس والجن القيام والركوع والسجود والدعاء والتسبيح، ومن الطير والهوام: التسبيح، ومنه قوله: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41] " (?).

قال الواحدي: " فالصلاة لها معانٍ بالتدريج، أصلها: الدعاء، ثم صارت الرحمة، لما ذكرنا من أن الداعي مترحّم، ثم صارت للمغفرة؛ لأن الترحم يوجب المغفرة، ومن ترحم الله عليه غفر له" (?).

قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 157]، أي وأولئك" هم المهتدون إِلى طريق السعادة" (?).

قال سعيد بن جبير: " يعني: من المهتدين بالاسترجاع عند المصيبة" (?).

قال البيضاوي: مهتدون" للحق والصواب حيث استرجعوا وسلموا لقضاء الله تعالى" (?).

قال الطبري: أي: أولئك الموصوفون بالصبر المذكور هم "المصيبون طريق الحقّ" (?).

قال ابن عثمين: " أي الذين اهتدوا إلى طريق الحق؛ فإن هذا الكلام الذي يقولونه مع الصبر هو الهداية" (?).

واختلف في قوله تعالى: : {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 157]، على وجوه (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015