وتعاريف الفقهاء -رحمهم الله- للشهيد بالمعنى الاصطلاحي ليست بجامعة ولا مانعة عدا الحنفية، ولعل ذلك -والله أعلم- لكثرة الخلاف في ضابط الشهيد، والاختلاف في أكثر صوره.

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: النهي عن القول بأن الذين قتلوا في سبيل الله أموات؛ وهو يشمل القول بالقلب - وهو الاعتقاد، والقول باللسان - وهو النطق.

2 - ومنها: التنبيه على الإخلاص في القتال؛ لقوله تعالى: {في سبيل الله}؛ وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (?)؛ وهذه مسألة مهمة؛ لأن كثيراً من الناس قد يقصد أن هذا جهاد، فيخرج؛ لأنه جهاد وقتال لأعداء الله؛ لكن كونه يشعر بأن هذا في سبيل الله - أي في الطريق الموصل إلى الله أبلغ.

3 - ومن فوائد الآية: إثبات حياة الشهداء؛ لكنها حياة برزخية لا تماثل حياة الدنيا؛ بل هي أجلّ، وأعظم، ولا تعلم كيفيتها.

4 - ومنها: أن ثواب الله سبحانه وتعالى للعامل أجلُّ، وأعلى؛ وذلك؛ لأن الشهيد عرض نفسه للموت ابتغاء ثواب الله؛ فأثابه الله، حيث جعله حياً بعد موته حياة برزخية أكمل من حياة الدنيا؛ لقوله تعالى: {عند ربهم يرزقون} [آل عمران: 169].

5 - ومنها: إثبات الحياة البرزخية؛ لقوله تعالى: {بل أحياء}؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دفن الإنسان رد الله عليه روحه، وجاءه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه (?).

6 - ومنها: إثبات نعيم القبر؛ لقوله تعالى: {بل إحياء}.

7 - ومنها: أن أحوال البرزخ، وعالم الغيب غير معلومة لنا، ولا نشعر بها إلا ما علمنا الله ورسوله.

القرآن

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)} [البقرة: 155]

التفسير:

ولنختبرنكم بشيء يسير من الخوف، ومن الجوع، وبنقص من الأموال بتعسر الحصول عليها، أو ذهابها، ومن الأنفس: بالموت أو الشهادة في سبيل الله، وبنقص من ثمرات النخيل والأعناب والحبوب، بقلَّة ناتجها أو فسادها. وبشِّر -أيها النبي- الصابرين على هذا وأمثاله بما يفرحهم ويَسُرُّهم من حسن العاقبة في الدنيا والآخرة.

في سبب نزول الآية: قال الماوردي: " لما تقدم من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعلها عليهم سنين كسني يوسفَ (?) حين قحطوا سبع سنين، فقال الله تعالى مجيباً لدعاء نبيه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالجُوعِ}، الخوف يعني الفزع في القتال، والجوع يعني المجاعة بالجدب " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015