الرابع: لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد الله له من الثواب والكرامة بالقتل (?).
الخامس: لأنه شهد المغازي (?).
السادس: لأنه شهد لله بالوجود والإلهية بالفعل، كما شهد غيره بالقول (?).
السابع: لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره (?).
الثامن: لأنه يشاهد الدارين: دار الدنيا، ودار الآخرة (?).
القول الثاني: أن الشهيد بمعنى مشهود، أي فعيل بمعنى مفعول، واختلف في تحديد سبب التسمية إلى أقوال:
أحدها: لأن ملائكة الرحمة تشهده (?)، وصحح هذا القول الرازي (?) في كتابه "حلية الفقهاء" (?).
فالشهيد: هو المحتضر، فتسميته بذلك لحضور الملائكة إياه، إشارة إلى ما قال الله عز وجل: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا} [فصلت: 30] (?).
الثاني: لأن الله وملائكته شهود له بالجنة (?)، أو بالخير (?).
الثالث: لأنه شهد له بالإيمان، وحسن الخاتمة بظاهر حاله (?).
الرابع: لأن عليه شاهدًا يشهد بشهادته؛ وهو دمه (?).
هذه أغلب الأقوال التي قيلت في سبب التسمية، وما لم نذكره فإنه يدخل في بعض هذه الأقوال، ولا يخرج عنها في الغالب.
وأقرب الأقوال إلى الصحة -والله أعلم- هو ما رجّحه الإمام السهيلي (?) -رحمه الله- حيث قال -بعد ذكره بعض هذه الأوجه-: «وأولى هذه الوجوه كلها بالصحة: أن يكون فعيلاً بمعنى مفعول، ويكون معناه: مشهودًا له بالجنة، أو يشهد عليه النبي عليه السلام، كما قال: «هؤلاء أنا شهيد عليهم»، أي: قّيم عليهم بالشهادة لهم، وإذا حشروا تحت لوائه، فهو وال عليهم، وإن كان شاهدًا لهم، فمن ههنا اتصل الفعل بعلى، فتقوى هذا الوجه من جهة الخبر، ومن وجه آخر من العربية؛ وهو أن النبي? حين ذكر الشهداء قال: «والمرأة تموت بجمع شهيد» (?)، ولم يقل: شهيدة، وفي رواية أخرى قال: «والنفساء شهيد، يجرها جنينها بسرره إلى الجنة» (?)، ولم يقل: شهيدة، وفعيل إذا كان صفة لمؤنث كان بغير هاء إذا كان بمعنى مفعول، نحو امرأة قتيل وجريح، وإن كان بمعنى فاعل، كان بالهاء، كقولهم: امرأة عليمة ورحيمة، ونحو ذلك.