وشارح الطحاوية (?).

القول الثاني: أن هذا الوصف خاص بالشهداء لا غيرهم. وإن الآيات والأحاديث السابقة تدل على أنهم الشهداء دون غيرهم، وأما حديث: «إنما نسمة المؤمن ... »، فتأويله: إنما نسمة المؤمن من الشهداء (?).

ونقل القرطبي عن ابن العربي أنه حكى إجماع الأمة على اختصاص الشهيد بهذا الوصف (?).

والذي يظهر أن هذا الإجماع غير صحيح، لمعارضته النص الصريح، والصحيح عن النبي? في قوله: «إنما نسمة المؤمن ... »، بل حكى شيخ الإسلام -رحمه الله- خلاف ذلك وأن جماهير أهل السنة على أن هذا الوصف ليس مختصًا به، وبهذا قال بعض كبار العلماء من الشافعية كابن كثير والحنفية كابن أبي العز كما سبق، والله أعلم.

قال الراغب: إن الحياة تقال على أوجه، وكل واحدة يقابلها موت (?):

الأول: في القوة النامية التي بها الغذاء والشهوة إليها، وذلك موجود في النبات والحيوان والإنسان، ولذلك يقال: نبات حي.

والثاني: في القوة الحساسة التي بها الحركة المكانية وهي موجودة في الحيوان والإنسان دون النبات.

والثالث: القوة العاملة العاقلة [وبها يكون العقل والعلم] وهي في الإنسان دون الحيوانات والنبات وبها يتعلق التكليف، وقد يقال للعلم المستفاد الحقيقي، والعمل الصالح حياة، وعلى ذلك قوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}.

و(الشهيد) في اللغة: على وزن "فَعِيْل"، مشتق من الفعل شَهِدَ يَشْهُد شهادةً، فهو شاهد وشهيد، فشاهد وشهيد بمعنى واحد، مثل عالم وعليم، وناصر ونصير (?). إلا أن صيغة فعيل أبلغ (?)، وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل (?).

وقيل: الشهيد: فعيل، بمعنى مفعول (?).

والشهيد: القتيل في سبيل الله، وقد استشهد فلان على ما لم يُسَمَّ فاعله (?).

والشين والهاء والدال أصل يدلّ على حضور، وعلم، وإعلام، ومن ذلك الشهادة، يجمع الأصول التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام (?).

والشاهد، والشهيد: الحاضر، والجمع شهداء، وشهَّد، وأشهاد، وشهود (?).

ومما يدل على أن من معانيه الحضور: ما جاء في الحديث: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015