الخامس: وروي عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: "" الشهداءُ على بَارق نهر بباب الجنة، في قبة خضراء " (?).

وجاء في صحيح مسلم: "إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل مُعَلَّقة تحت العرش، فاطَّلع عليهم ربك اطِّلاعَة، فقال: ماذا تبغون؟ فقالوا: يا ربنا، وأيّ شيء نبغي، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك؟ ثم عاد إليهم بمثل هذا، فلما رأوا أنهم لا يُتْرَكُون من أن يسألوا، قالوا: نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا، فنقاتل في سبيلك، حتى نقتل فيك مرة أخرى؛ لما يرون من ثواب الشهادة - فيقول الرب جلّ جلاله: إني كتبتُ أنَّهم إليها لا يرجعون" (?).

وروي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نَسَمَةُ المؤمن طائر تَعْلَقُ في شجر الجنة، حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه" (?).

قال ابن كثير: "ففيه دلالة لعموم المؤمنين أيضًا، وإن كان الشهداء قد خصِّصُوا بالذكر في القرآن، تشريفًا لهم وتكريمًا وتعظيما" (?).

وقد اختلف العلماء في هذا الوصف الذي اتصف به الشهيد، هل هو خاص به، أم أنه يشمل عموم المؤمنين؟ :

القول الأول: أن هذا الوصف لم يخص مؤمنًا شهيدًا من غير شهيد.

روى كعب بن مالك قال: قال رسول الله? : "إنما نسمة (?) المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه" (?).

ففي هذا الحديث لم يخص مؤمنًا شهيدًا من غير شهيد (?).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (?) -رحمه الله-: "الصحيح الذي عليه الأئمة وجماهير أهل السنة: أن الحياة، والرزق، ودخول الأرواح الجنة، ليس مختصًا بالشهيد. كما دلت على ذلك النصوص الثابتة، ويختص الشهيد بالذكر، لكون الظان يظن أنه يموت، فينكل عن الجهاد، فأخبر بذلك ليزول المانع من الإقدام على الجهاد والشهادة، كما نُهي عن قتل الأولاد خشية الإملاق، لأنه هو الواقع، وإن كان قتلهم لا يجوز مع عدم خشية الإملاق" (?).

وقد تابع ابن تيمية على قوله هذا: تلميذه ابن القيم في كتابه الروح (?)، وابن كثير في تفسيره (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015