قال الواحدي: "قال عطاء عن ابن عباس: "يقول: إني معكم أنصركم ولا أخذلكم" (?).

قال الزجاج: " أي يظهر دينه على سائر الأديان، لأن من كان الله معه فهو الغالب - كما قال عز وجل: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56] " (?).

قال المراغي: " أي إن الله ناصرهم ومجيب دعوتهم، ومن كان الله ناصره فلا غالب له، أما الجازع فقلبه لاه عن ذكر الله، والقلب اللاهي ممتلاء بهموم الدنيا وأكدارها، وإن حاز الدنيا بحذافيرها" (?).

قال أبو حيان: "أي: بالمعونة والحفظ والتأييد، كما قال: اهجهم، وروح القدس معك. وقال تعالى: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]، ومن كان الله معه فهو الغالب" (?).

قال الرازي: "يعني في النصر لهم كما قال: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]، فكأنه تعالى ضمن لهم إذا هم استعانوا على طاعاته بالصبر والصلاة أن يزيدهم توفيقا وتسديدا وألطافا كما قال: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} [مريم: 76] " (?).

أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن ابن وهب، قال: "سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول: الصبر في بابين، الصبر لله بما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان، والصبر لله عما كره، وإن نازعت إليه الأهواء، فمن كان هكذا فهو من الصابرين الذين يسلم عليهم إن شاء الله" (?).

وفي رواية أخرى: " سمعت ابن زيد وقال لي: الصبر في بابين: على ما أحب الله وإن ثقل. وصبر على ما تكره وإن نازعت إليه الهوى. فمن كان هكذا فهو من الصابرين" (?).

وعن علي بن الحسين قال: "إذا جمع الله الأولين والآخرين، ينادي مناد: أين الصابرون، ليدخلوا الجنة قبل الحساب. قال: فيقوم عنق من الناس، فتلقاهم الملائكة فيقولون: إلى أين يا بني آدم؟ فيقولون: إلى الجنة قالوا: وقبل الحساب؟

قالوا نعم. قالوا: ومن أنتم؟ قالوا: الصابرون قالوا: وما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا على طاعة الله، وصبرنا عن معصية الله، حتى توفانا الله. قالوا: أنتم كما قلتم ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين" (?).

وقال سعيد بن جبير: "الصبر اعتراف العبد لله بما أصاب منه، واحتسابه عند الله رجاء ثوابه، وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر" (?).

ومن الصفات الثابتة لله عز وجل (المَعِيَّة)، فهو مع عباده سبحانه وتعالى أينما كانوا، فقال سبحانه: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]، وقال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]، وهذه معية عامة، فالمعية نوعان (?):

أحدهما: مَعِيَّة عامَّة؛ كقوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]، ومعناها: إحاطته بهم عِلْمًا وقُدْرَةً، وهو إجماع الصحابة والتابعين.

والثاني: مَعِيَّة خاصَّة، فَهِيَ مَعِيَّتُه سبحانه لأحْبابه وأوليائه، فتلك غير المعية العامة، فهو معهم بالرعايَة والإعانة والكفاية، والنصر والتأييد والهداية، والتوفيق وغير ذلك، مما تجفو عبارة المخلوق عنه، ويقصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015