وبذلك فإن قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، عمل، وجزاء؛ العمل: ما أفاده قوله تعالى: {اذكروني}؛ والجزاء: ما أفاده قوله تعالى: {أذكركم} (?).
وفي قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي} [البقرة: 152]، قراءتان (?):
إحداهما: {فَاذْكُرُونِي}، بفتح الياء.
والثانية: {فَاذْكُرُونِي} بإسكان الياء؛ لأن ياء المتكلم من حيث اللغة العربية يجوز إسكانها، وفتحها، وحذفها تخفيفاً؛ لكنها في القرآن تتوقف على السماع.
قوله تعالى: {وَاشْكُرُوا لِي} [البقرة: 152]، "أي اشكروا نعمتي عليكم" (?).
قال مقاتل: "يقول اشكروا الله- عز وجل- في هذه النعم" (?).
قال ابن كثير: أي: " اشكروا لي أيها المؤمنون فيما أنعمت عليكم من الإسلام، والهداية للدين الذي شرعته لأنبيائي وأصفيائي، إذ "أمر الله تعالى بشكره، ووعده على شكره بمزيد الخير، فقال: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7] " (?).
قال ابن عثيمين: " أي قوموا بالشكر، و «الشكر» هو القيام بطاعة المنعم" (?).
قال أبو العالية: "إن الله يزيد من شكره" (?).
وروي عن زيد بن أسلم: "أن موسى صلى الله عليه وسلم قال لربه: أي رب أخبرني كيف أشكرك. قال له ربه: تذكرني ولا تنساني، فإذا ذكرتني فقد شكرتني" (?).
قال ابن منظور: يقال: شكرته، وشكرت له، وباللام أفصح" (?).
وقال الفراء: "العرب لا تكاد تقول شكرتك، إنما تقول: شكرت لك، ونصحت لك، ولا يقولون: نصحتك، وربما قيلتا" (?).
قال أبو حيان: "وهو من الأفعال التي ذكر أنها تارة تتعدى بحرف الجر، وتارة تتعدى بنفسها وقالوا: إذا قلت شكرت لزيد، فالتقدير: شكرت لزيد صنيعه، فجعلوه مما يتعدى لواحد بحرف جر ولآخر بنفسه، ولذلك فسر الزمخشري هذا الموضع بقوله. واشكروا لي ما أنعمت به عليكم" (?).
وقال ابن عطية: " واشكروا لي، واشكروني بمعنى واحد، ولي أفصح وأشهر مع الشكر" (?).
قال الواحدي: " تقول العرب: شكرته وشكرت له، ونصحته ونصحت له، في أحرف تسمع ولا تقاس، فمن قال: شكرتك، أوقع اسم المنعم موقع النعمة، فعدّى الفعل بغير وسيطة، والأجود: شكرت لك؛ لأنه الأصل في الكلام، والأكثر في الاستعمال" (?).
قوله تعالى: {وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]، أي: " ولا تكفروا نعمتي بالجحود والعصيان" (?).