قال مقاتل بن سليمان: " يقول فاذكروني بالطاعة أذكركم بخير" (?).
قال الزجاج: " المعنى: إن تذكروني أذكركم" (?).
قال الطبري: أي: " فاذكروني أيها المؤمنون بطاعتكم إياي فيما آمركم به وفيما أنهاكم عنه، أذكرْكم برحمتي إياكم ومغفرَتي لكم" (?).
قال البيضاوي: " {فَاذْكُرُونِي}: بالطاعة، {أَذْكُرْكُمْ}: بالثواب" (?).
أصل الذكر في اللغة: "التنبيه على الشيء، ومن ذكّرك شيئا فقد نبهك عليه، وإذا ذكرته فقد تنبهت عليه، والذَّكرُ أَنْبَهُ من الأنثى. وقوله: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ} [الزخرف: 44] أي: شرف لك، من النباهة. ومعنى الذكر: حضور المعنى للنفس، ثم يكون تارة بالقلب، وتارة بالقول، وليس موجبه أن يكون بعد النسيان؛ لأنه يستعمل كثيرًا دون أن يتقدمه نسيان" (?).
وقال الراغب: " الذكر ذكران: ذكر بالقلب، وذكر باللسان، وكل واحد منهما ضربان، ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان، بل عن إدامة الحفظ، وكل قول يقال له ذكر" (?).
قال ابن عثيمين: "وذِكر الله يكون بالقلب، واللسان، والجوارح" (?).
واختلف أهل التفسير في قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]، على وجوه (?):
أحدها: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي. قاله سعيد بن جبير (?)، وفي رواية" أذكركم برحمتي" (?).
الثاني: اذكروني فيما افترضت عليكم، أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي. قاله الحسن (?).
الثالث: فاذكروني - بتوحيدي، وتصديقه - صلى الله عليه وسلم -، أذكركم برحمتي ومغفرتي والثناء عليكم. قاله الزجاج (?).
الرابع: يعني: " إن الله يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذب من كفره". قاله أبو العالية (?)، وروي عن الحسن، والسدي، والربيع بن أنس، نحو ذلك (?).
الخامس: اذكروني في الرخاء أذكركم في البلاء. عن سعيد بن جبير (?)، وبيانه: فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143 - 144].
السادس: ذكر الله إياكم أكثر من ذكركم إياه. قاله ابن عباس (?).
السابع: اذكروني بالإجابة والإحسان وهو بمنزلة قوله: {ادعونى أستجب لكم} [غافر: 60]، إذ أمر الخلق بأن يذكروه راغبين راهبين، وراجين خائفين ويخلصوا الذكر له عن الشركاء، فإذا هم ذكروه بالإخلاص في عبادته وربوبيته ذكرهم بالإحسان والرحمة والنعمة في العاجلة والآجلة. وهذا قول أبي مسلم (?).