قال السعدي أي: يطهر أخلاقكم ونفوسكم، بتربيتها على الأخلاق الجميلة، وتنزيهها عن الأخلاق الرذيلة، وذلك كتزكيتكم من الشرك، إلى التوحيد ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الخيانة إلى الأمانة، ومن الكبر إلى التواضع، ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق، ومن التباغض والتهاجر والتقاطع، إلى التحاب والتواصل والتوادد، وغير ذلك من أنواع التزكية (?).
قال المراغي: " أي يطهر نفوسكم من أدران الرذائل التي كانت فاشية في العرب من وأد البنات، وقتل الأولاد تخلصا من النفقة، وسفك الدماء لأوهن الأسباب، ويغرس فيها فاضل الأخلاق وحميد الآداب، وبهذه الزكاة التي زكّوا بها أنفسهم فتحوا الممالك الكبرى، وكانوا أئمة الأمم التي كانت تحتقر هذا الجنس، وعرفوا لهم فضلهم بعدلهم وسياستهم للأمم سياسة حكيمة أنستهم سياسة الأمم التي قبلهم، وجعلت لذلك الدين أثرا عميقا في نفوسهم، فدانوا لحكمه خاضعين، واهتدوا بهديه راشدين" (?).
وقد ذكر أهل التفسير في قوله تعالى: {وَيُزَكِّيكُمْ} [البقرة: 151]، وجوها (?):
أحدها: أنه عليه الصلاة والسلام يعلمهم ما إذا تمسكوا به صاروا أزكياء. عن الحسن.
وثانيها: يزكيهم بالثناء والمدح، أي يعلم ما أنتم عليه من محاسن الأخلاق فيصفكم به، كما يقال: إن المزكي زكي الشاهد، أي وصفه بالزكاء.
وثالثها: أن التزكية عبارة عن التنمية، كأنه قال يكثركم، كما قال: {إذ كنتم قليلا فكثركم} [الأعراف: 86]، وذلك بأن يجمعهم على الحق فيتواصلوا ويكثروا، عن أبي مسلم.
قال الرازي: "وهذه الوجوه غير متنافية فلعله تعالى يفعل بالمطيع كل ذلك" (?).
قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ} [البقرة: 151]، أي "ويعلمكم القرآن الكريم" (?).
قال الصابوني: " أي يعلمكم أحكام الكتاب المجيد" (?).
قال مقاتل: " يعني القرآن" (?).
قال ابن كثير: " وهو القرآن" (?).
قال المراغي: أي: "ويبين لكم ما انطوى عليه من الحكم الإلهية، والأسرار الربانية التي لأجلها وصف بأنه هدى ونور، فالنبى صلى الله عليه وسلم كان يتلوه عليهم ليحفظوا نظمه ولفظه، حتى يبقى مصونا من التحريف والتصحيف، ويرشدهم إلى ما فيه من أسرار وحكم ليهتدوا بهديه، ويستضيئوا بنوره" (?).
قوله تعالى: {وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 151]، أي: ويعلمكم السنة النبوية المطهرة" (?).
قال مقاتل بن سليمان: "يعني: الحلال والحرام" (?).
قال ابن كثير: " وهي السنة " (?).