قال الطبري: أي " ويعلمكم من أخبار الأنبياء، وقَصَص الأمم الخالية، والخبر عما هو حادثٌ وكائن من الأمور التي لم تكن العرب تعلمها، فعلِموها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخبرهم جل ثناؤه أنّ ذلك كله إنما يدركونه برَسوله صلى الله عليه وسلم" (?).

قال الرازي في معنى {الحكمة}: " فهي العلم بسائر الشريعة التي يشتمل القرآن على تفصيلها، ولذلك قال الشافعي رضي الله عنه (الحكمة) هي سنة الرسول عليه السلام" (?).

قال ابن عثيمين: {والحكمة}: هي أسرار الشريعة، وحسن التصرف بوضع كل شيء في موضعه اللائق به - بعد أن كانوا في الجاهلية يتصرفون تصرفاً أهوج من عبادة الأصنام، وقتل الأولاد، والبغي على العباد" (?).

قال المراغي في تفسير {الحكمة}: وهى "العلم المقترن بأسرار الأحكام ومنافعها، الباعث على العمل بها، ذاك أن سنة الرسول العملية وسيرته صلى الله عليه وسلم في بيته، ومع أصحابه في السلم والحرب، والسفر والإقامة، فى القلة والكثرة، جاءت مفصلة لمجمل القرآن، مبيّنة لمبهمه، كاشفة لما في أحكامه من الأسرار والمنافع، ولولا هذا الإرشاد العملي لما كان البيان القولى كافيا في انتقال الأمة العربية من طور الشتات والفرقة والعداء، والجهل إلى الائتلاف والاتحاد، والتآخى والعلم، وسياسة الأمم، فالنبى صلى الله عليه وسلم وقف أصحابه على فقه الدين، ونفذ بهم إلى سرّه، فكانوا حكماء علماء عدولا أذكياء، حتى إن أحدهم كان يحكم المملكة العظيمة ويقيم فيها العدل ويحسن السياسة، وهو لم يحفظ من القرآن إلا بعضه، لكنه فقهه وعرف أسرار أحكامه" (?).

وقوله: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ}، فليس بتكرار، "لأن تلاوة القرآن عليهم غير تعليمه إياهم" وَيُعَلِّمُكُمُ.

قال البيضاوي: وكرر الفعل ليدل على أنه جنس آخر" (?).

قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151]، "أي ويعلمكم من أمور الدنيا والدين الشيء الكثير الذي لم تكونوا تعلمونه" (?).

قال ابن عثيمين: " أي من أمور الدين، والدنيا؛ وهذه الجملة لتقرير ما سبق من تعليمهم الكتاب، والحكمة" (?).

قال المراغي: أي: "ويعلمكم مع الكتاب والحكمة ما ليس مصدر علمه النظر والفكر، بل طريق معرفته الوحى كأخبار عالم الغيب وسير الأنبياء وأحوال الأمم التي كانت مجهولة عندكم، وأكثرها كان مجهولا عند أهل الكتاب أيضا، وقد بلغوا في هذا النوع من العلم مبلغا فاقوا به سائر الأمم" (?).

قال الرازي: "فهذا تنبيه على أنه تعالى أرسله على حين فترة من الرسل وجهالة من الأمم، فالخلق كانوا متحيرين ضالين في أمر أديانهم فبعث الله تعالى محمدا بالحق حتى علمهم ما احتاجوا إليه في دينهم وذلك من أعظم أنواع النعم" (?).

قال ابن كثير: " فكانوا في الجاهلية الجَهْلاء يُسفَهُون بالقول الفرَى، فانتقلوا ببركة رسالته، ويُمن سفارته، إلى حال الأولياء، وسجايا العلماء فصاروا أعمق الناس علمًا، وأبرهم قلوبًا، وأقلهم تكلفًا، وأصدقهم لهجة. وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015