والثانية قوله: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} [البقرة: 129].

فبعث الله الرسول وهو محمد صلى الله عليه وسلم ووعد في هذه الآية أن يجيب الدعوة الثانية أن يجعل من ذريته أمة مسلمة لك فمعنى الآية: ولأتم نعمتي عليكم: ببيان شرائع ملتكم الحنيفية وأهديكم لدين خليلي إبراهيم، كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يعني فكما أجبت دعوته بانبعاث الرسول كذلك أجبت دعوته بأن أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين (?).

قال الإمام الطبري: " فبعث الله الرسول وهو محمد صلى الله عليه وسلم ووعد إجابة الدعوة الثانية بأن يجعل في ذريته أمة مسلمة، يعني كما أجبت دعوته بأن أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين وأتم نعمتي عليكم ببيان شرائع الملة الحنيفية" (?).

قال الثعلبي: " وهذا على قول من يجعله متصلا بما قبلها وجوابا للآية الأولى" (?).

وهو إختيار الفراء (?)، إذ قال: " "وقوله: {كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ ... } [البقرة: 150]، جواب لقوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]: {كَما أَرْسَلْنا}، فهذا جواب مقدم ومؤخر" (?).

الوجه الثالث: أن التقدير: وكذلك جعلناكم أمة وسطا كما أرسلنا فيكم رسولا، أي كما أرسلنا فيكم رسولا من شأنه وصفته كذا وكذا، فكذلك جعلناكم أمة وسطا. وهو قول أبي مسلم الأصفهاني (?).

الثاني: أن (الكاف) متعلقة بما بعدها وهو قوله: {فاذكروني أذكركم}، معناه: كما أرسلنا فيكم رسولا منكم فاذكروني (?)، وهذه الآية خطاب لأهل مكة والعرب، يعني: كما أرسلنا فيكم يا معشر العرب رسولا منكم محمد صلى الله عليه وسلم (?).

وهذا قول مجاهد (?)، وعطاء (?)، وأبي نجيح (?)، والكلبي (?)، ومقاتل (?)، والأخفش (?)، وابن كيسان (?).

واختاره الزجاج، فقال: " والأجود أن تكون (كما) معلقة بقوله عز وجل: {فاذكروني أذكركم}، أي فاذكروني بالشكر والإخلاص كما أرسلنا فيكم" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015