جاء أمر الله أن يمتثل الأمر؛ وسيجعل الله له من أمره يسراً؛ لأن تقوى الله فيها تيسير الأمور؛ لقوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً}.
11 - ومنها: إثبات الحكمة في أفعال الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {ولعلكم تهتدون}.
القرآن
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)} [البقرة: 151]
التفسير:
كما أنعمنا عليكم باستقبال الكعبة أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم الآيات المبينة للحق من الباطل، ويطهركم من دنس الشرك وسوء الأخلاق، ويعلمكم الكتاب والسنة وأحكام الشريعة، ويعلمكم من أخبار الأنبياء، وقصص الأمم السابقة ما كنتم تجهلونه.
قوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا} [البقرة: 151]، أي: " كما اتممت عليكم نعمتي كذلك أرسلت فيكم رسولاً منكم" (?).
قال مقاتل: " يعنى محمدا- صلى الله عليه وسلم-" (?)، وروي عن ابي العالية (?)، والربيع بن أنس (?) مثل ذلك.
قال أبو السعود: أي"كإتمامي لنعمتي عليكم بإرسال رسولٍ كائنٍ منكم فإن" (?).
قال البيضاوي: " أي ولأتم نعمتي عليكم في أمر القبلة، أو في الآخرة كما أتممتها بإرسال رسول منكم، أو بما بعده كما ذكرتكم بالإِرسال فاذكروني" (?).
قال ابن عثيمين: " هذه أيضاً منّة رابعة وجهت إلى المؤمنين؛ والثلاث قبلها هي: قوله تعالى: {لئلا يكون للناس عليكم حجة} [البقرة: 150]، وقوله تعالى: {ولأتم نعمتي عليكم} [البقرة: 150]، وقوله تعالى: {ولعلكم تهتدون} [البقرة: 150] " (?).
و(الكاف) في قوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا} [البقرة: 151]، للتشبيه (?)، وتحتاج إلى شيء يرجع إليه، وللعلماء فيه أقوال (?):
أحدها: أنها ترجع إلى ما قبلها، ومعناه: ولأتم نعمتي عليكم كما أرسلنا فيكم رسولا، وفيه وجوه (?):
الوجه الأول: أنه راجع إلى قوله: {ولاتم نعمتى عليكم} [البقرة: 150]، أي ولأتم نعمتي عليكم في الدنيا بحصول الشرف، وفي الآخرة بالفوز بالثواب، كما أتممتها عليكم في الدنيا بإرسال الرسول.
قال الثعلبي: " فيكون إرسال الرسول شرطا للخشية مزيدا بإتمام النعمة" (?).
الوجه الثاني: أن إبراهيم عليه السلام دعى بدعوتين:
الأولى: قوله: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 128]، فهذه الدعوة الأولى.