الله ما شرع الكفر أبداً؛ ولا شرع شيئاً من خصال الكفر؛ والوجهة الشرعية: اختلاف الشرائع بين الناس؛ فلا تظن أن اختلاف الشريعة الإسلامية عن غيرها معناه أنها ليست حقاً؛ فإنها الحق من الله.

4 - ومن فوائد الآية: وجوب المسابقة إلى الخير؛ لقوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات}.

5 - ومنها: أن الأمر يقتضي الفورية؛ لأن الاستباق إلى الخير لا يكون إلا بالمبادرة إلى فعله؛ فهذه الآية مما يستدل به على أن الأمر المطلق للفورية.

6 - ومنها: البلاغة التامة في قوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} دون «استبقوا إلى الخيرات» - وإن كان بعض الناس يقولون: إنها نُزِع منها حرف الجر؛ وليس بصحيح؛ لأن {فاستبقوا الخيرات} يشمل الاستباق إليها، والاستباق فيها؛ فليس معناه: إذا وصلت إلى الخير فإنك تقف؛ بل حتى في نفس فعلك الخير كن مسابقاً؛ وهذا يشبهه قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6]؛ فالمطلوب أن يصل الإنسان إلى الصراط، ويستمر فيه؛ ولهذا قال تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6].

7 - ومن فوائد الآية: إحاطة الله تعالى بالخلق أينما كانوا؛ لقوله تعالى: {أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً}.

8 - ومنها: الإشارة إلى البعث؛ لأن الإتيان بالجميع يكون يوم القيامة.

9 - ومنها: إثبات عموم قدرة الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {إن الله على كل شيء قدير}؛ وقد قال الله تعالى: {وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً} [فاطر: 4].

وهناك كلمة يقولها بعض الناس فيقول: «إن الله على ما يشاء قدير»؛ وهذا لا ينبغي:

أولاً: لأنه خلاف إطلاق النص؛ فالنص مطلق.

ثانياً: لأنه قد يفهم منه تخصيص القدرة بما يشاء الله دون ما لم يشأ؛ والله قادر على ما يشاء، وعلى ما لا يشاء.

ثالثاً: أنه قد يفهم منه مذهب المعتزلة القدرية الذين قالوا: «إن الله عزّ وجلّ لا يشاء أفعال العبد؛ فهو غير قادر عليها».

ولهذا ينبغي أن نطلق ما أطلقه الله لنفسه، فنقول: إن الله على كل شيء قدير؛ أما إذا جاءت القدرة مضافة إلى فعل معين فلا بأس أن تقيد بالمشيئة، كما في قوله تعالى: {وهو على جمعهم إذا يشاء قدير} [الشورى: 29]؛ فإن {إذا يشاء} عائدة على «الجمع»؛ لا على «القدرة»؛ فهو قدير على الشيء شاءه، أم لم يشأه؛ لكن جمعه لا يقع إلا بالمشيئة؛ ومنه الحديث في قصة الرجل الذي أكرمه الله سبحانه وتعالى، فقال: «ولكني على ما أشاء قادر» (?)؛ لأنه يتكلم عن فعل معين؛ ولهذا قال: «قادر»: أتى باسم الفاعل الدال على وقوع الفعل دون الصفة المشبهة - «قدير» - الدالة على الاتصاف بالقدرة.

القرآن

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)} [البقرة: 149]

التفسير:

ومن أي مكان خَرَجْتَ -أيها النبي- مسافرًا، وأردت الصلاة، فوجِّه وجهك نحو المسجد الحرام. وإنَّ توجُّهك إليه لهو الحق الثابت من ربك. وما الله بغافل عما تعملونه، وسيجازيكم على ذلك.

قوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 149]، معناه: "ومن أيّ موضع خرَجْت إلى أي موضع وجَّهتَ، فحوِّل يامحمد وَجْهك شطر المسجد الحرام" (?).

قال ابن عثيمين: " أي مستقبلاً له؛ وذلك عند الصلاة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015