قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، أي "ما كان الله يترك إيمانكم سدًى بدون مجازاة عليه" (?).

قال ابن عباس: "يقول: صَلاتكم التي صليتموها من قبل أن تكون القبلة. فكان المؤمنون قد أشفقوا على مَن صلى منهم أن لا تُقبلَ صلاتهم"" (?).

قال مقاتل: " يعني إيمان صلاتكم نحو بيت المقدس يقول لقد تقبلت منهم" (?).

قال الصابوني: " أي ما صحَّ ولا استقام أن يضيع الله صلاتكم إِلى بيت المقدس بل يثيبكم عليها" (?).

قال الماوردي: " يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، فسمى الصلاة إيماناً لاشتمالها على نية وقول وعمل" (?).

قال الزجاج: " أي من كان صلى إلى بيت المقدس قبل أن تحول القبلة إلى البيت الحرام بمكة فصلاته غير ضائعة وثوابه قائم" (?).

قال الفخر الرازي: " أي لا يضيع ثواب إيمانكم لأن الإيمان قد انقضى وفنى وما كان كذلك استحال حفظه وإضاعته إلا أن استحقاق الثواب قائم بعد انقضائه فصح حفظه وإضاعته وهو كقوله تعالى: {أنى لا أضيع عمل عامل منكم} [آل عمران: 195] " (?).

قال الطبري: (وإضاعته إياه) جل ثناؤه - لو أضاعه -: تركُ إثابة أصْحابه وعامليه عليه، فيذهب ضياعًا، ويصير باطلا كهيئة " إضاعة الرجل ماله "، وذلك إهلاكه إياه فيما لا يعتاض منه عوضًا في عاجل ولا آجل، فأخبر الله جل ثناؤه أنه لم يكن يُبطل عَمل عاملٍ عمل له عملا وهو له طاعة، فلا يُثيبه عليه، وإن نُسخ ذلك الفرضُ بعد عمل العامل إياه على ما كلفه من عمله" (?).

وعنى بـ (الإيمان)، في هذا الموضع: (الصلاةَ). قاله: ابن عباس (?)، والبراء (?)، وقتادة (?)، والسدي (?)، والربيع (?)، وداود بن أبي عاصم (?)، وابن زيد (?)، وسعيد بن مسيب (?).

وفي سبب تسمية الصلاة بالإيمان، وجهان (?):

أحدهما: أن الصلاة سميت إيمانا، لما كانت صادرة عن الإيمان والتصديق في وقت بيت المقدس وفي وقت التحويل، ولما كان الإيمان قطبا عليه تدور الأعمال وكان ثابتا في حال التوجه هنا وهنا ذكره، إذ هو الأصل الذي به يرجع في الصلاة وغيرها إلى الأمر والنهي، ولئلا تندرج في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس فذكر المعنى الذي هو ملاك الأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015