4 - ومنها: تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، حيث أخبر الله تعالى أنه لا يعترض عليه في ذلك إلا سفيه.
5 - ومنها: إعلام المرء بما يتوقع أن يكون ليستعد له؛ ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: "إنك تأتي قوماً أهل كتاب"؛ ليكون مستعداً (?).
6 - ومنها: جواز تعليل الأحكام الشرعية بمقتضى الربوبية لإسكات الناس حتى لا يحصل منازعة؛ إذا قال أحد: لماذا كذا؟ قلت: الله ربك يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد؛ «لماذا أحل كذا، وحرم كذا؟ » تقول: لأنه ربك؛ «لماذا توجه الناس من المشرق إلى المغرب؛ من المغرب إلى المشرق؛ من بيت المقدس إلى الكعبة؟ » قلت: لأن ذلك بمقتضى ربوبية الله: [لله المشرق والمغرب].
7 - من فوائد الآية: أن العدو يحتج على عدوه بما يثير نعرته، ويلزمه؛ لقوله تعالى: {عن قبلتهم}؛ لم يقولوا: عن القبلة؛ كأنهم يقولون: كنتم تتولون ذلك فما الذي صرفكم عنه؟ ! ! وهكذا قد يثير شعور الإنسان حتى يبقى على ما هو عليه، وكأنهم قالوا: بالأمس تختارونها، واليوم تنكرونها، وتنبذونها؛ فالخصم دائماً يُهيج خصمه بما يثير نعرته؛ ليوافقه فيما ذهب إليه.
8 - من فوائد الآية: عموم ملك الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {لله المشرق والمغرب}؛ فهو المالك سبحانه وتعالى للجهات يُصرِّف إليها العباد كيف يشاء؛ ونحن ليس علينا إلا السمع، والطاعة؛ أينما وجهنا توجهنا؛ هذا المهم؛ لا أن تتجه إلى كذا، أو إلى كذا؛ فالسجود لغير الله شرك؛ وكان بالنسبة للملائكة حين أمرهم الله بالسجود لآدم طاعة، وعبادة؛ وقتل النفس بغير حق - ولا سيما قتل الولد - من أكبر الكبائر؛ وحين أمر الله تعالى إبراهيم أن يذبح ابنه كان قربة، وعبادة؛ فالاعتبار بطاعة الله سبحانه وتعالى.
9 - من فوائد الآية: إثبات مشيئة الله؛ لقوله تعالى: {يهدي من يشاء}.
فإن قال قائل: هل في ذلك حجة للجبرية في قولهم: إن العبد مجبر على عمله؟
فالجواب: أنه لا حجة لهم في ذلك؛ لأن الاحتجاج ببعض القرآن دون بعض كفر به؛ فالقرآن من متكلم واحد؛ فمطلقه في موضع يقيد في موضع آخر؛ بل إن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تقيد القرآن، وتبينه، وتخصصه؛ فإذاً لا دليل في هذه الآية للجبرية إلا من نظر بعين أعور؛ لأن الأعور ينظر من جانب العين الصحيحة؛ لكن من جانب العين العوراء لا يرى؛ والواجب أن ينظر الإنسان إلى النصوص بعينين ثاقبتين؛ وليس بعين واحدة؛ وقد دلت النصوص من الكتاب، والسنة على أن الإنسان له إرادة، واختيار، وقدرة، وأضافت أعماله إليه؛ وحينئذ لا يمكن أن يكون مجبراً.
10 - من فوائد الآية: أن الهداية بيد الله؛ لقوله تعالى: {يهدي من يشاء}، ومنها: أنْ هدَى هذه الأمة إلى القبلة التي يرضاها الرسول صلى الله عليه وسلم.
11 - ومنها: الثناء على هذه الأمة؛ لأنها التي على صراط مستقيم؛ لأن أول من يدخل في قوله تعالى: {يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} هؤلاء الذين تولوا عن بيت المقدس إلى الكعبة.
12 - ومنها: أن معارضة الشرع كما أنه سفه، فهو أيضاً ضلال؛ لأن الشرع هو الصراط المستقيم - وهو الهداية؛ وما سواه ضلال، واعوجاج.
13 - ومنها: فضيلة هذه الأمة، حيث هداها الله إلى استقبال بيته الذي هو أول بيت وضع الناس.
القرآن