وقد ذكروا في سبب تسمية دين الله بـ {صبغة الله}، وجوها (?):
أحدها: "أن بعض النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية ويقولون: هو تطهير لهم. وإذا فعل الواحد بولده ذلك قال: الآن صار نصرانيا. فقال الله تعالى: اطلبوا صبغة الله وهي الدين، والإسلام لا صبغتهم". قاله ابن عباس (?)، وأخرج الطبري عن قتادة (?)، وعطاء (?)، نحو ذلك.
والسبب في إطلاق لفظ الصبغة على الدين طريقة المشاكلة كما تقول لمن يغرس الأشجار وأنت تريد أن تأمره بالكرم: اغرس كما يغرس فلان تريد رجلا مواظبا على الكرم، ونظيره قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)} [البقرة: 14 - 15]، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النساء: 142)، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]، {{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]} (الشورى: 40)، {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ} [هود: 38] (?).
وثانيها: أن اليهود تصبغ أولادها يهودا والنصارى تصبغ أولادها نصارى، بمعنى يلقونهم فيصبغونهم بذلك لما يشربون في قلوبهم، عن قتادة قال ابن الأنباري: يقال: فلان يصبغ فلانا في الشيء، أي يدخله فيه ويلزمه إياه كما يجعل الصبغ لازما للثواب وأنشد ثعلب (?):
دع الشر وأنزل بالنجاة تحرزا ... إذا أنت لم يصبغك في الشر صابغ (?)
وثالثها: سمي الدين صبغة، لأن هيئته تظهر بالمشاهدة من أثر الطهارة والصلاة، قال الله تعالى: {سيماهم فى وجوههم من أثر السجود} [الفتح: 29].
ورابعها: وقيل: أن قوله: {صبغة الله} متعلق بقوله: {قولوا ءامنا بالله} (البقرة: 136) إلى قوله: {ونحن له مسلمون} [العنكبوت: 46] فوصف هذا الإيمان منهم بأنه صبغة الله تعالى، ليبين أن المباينة بين هذا الدين الذي اختاره الله، وبين الدين الذي اختاره المبطل ظاهرة جلية، كما تظهر المباينة بين الألوان والأصباغ لذي الحس السليم (?).
والثاني: أن {صبغة الله}: فطرَة الله (?). قاله: مجاهد (?)، وعبدالله ابن كثير (?).
وعلى قول هؤلاء تفسير الآية: "بل نتبع فطرة الله وملَّته التي خلق عليها خلقه، وذلك الدين القيم. من قول الله تعالى ذكره: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} [سورة الأنعام: 14]. بمعنى خالق السماوات والأرض: (?).