قال الراغب: "الصبغة إشارة من الله- عز وجل- إلى ما أوجده فينا من بداية العقول التي ميزنا بها من البهائم، رشحنا به لمعرفته ومعرفة حسن العدالة وطلب الحق وهو المشار إليه بالفطرة في قوله: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} الآية" (?).

قال الرازي: " ومعنى هذا الوجه، أن الإنسان موسوم في تركيبه وبنيته بالعجز والفاقة، والآثار الشاهدة عليه بالحدوث والافتقار إلى الخالق فهذه الآثار كالصبغة له وكالسمة اللازمة." (?)

كما وأن من حمل قوله: (صبغة الله) على الفطرة فهو مقارب في المعنى، لقول من يقول: هو دين الله، لأن الفطرة التي أمروا بها هو الذي تقتضيه الأدلة من عقل وشرع، وهو الدين أيضا، لكن الدين أظهر لأن المراد على ما بينا هو الذي وصفوا أنفسهم به في قوله {قولوا ءامنا بالله} فكأنه تعالى قال في ذلك: إن دين الله الذي ألزمكم التمسك به فالنفع به سيظهر دينا ودنيا كظهور حسن الصبغة، وإذا حمل الكلام على ما ذكرناه لم يكن لقول من يقول: إنما قال ذلك لعادة جارية لليهود والنصارى في صبغ يستعملونه في أولادهم معنى لأن الكلام إذا استقام على أحسن الوجوه، بدونه فلا فائدة فيه (?).

الثالث: وقيل: هو غسل الله، أي اغتسلوا عند إسلامكم الغسل الذي أوجبه الله عليكم (?).

وبهذا المعنى جاءت السنة الثابتة في قيس بن عاصم وثمامة بن أثال حين أسلما، روى احمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن ثمامة الحنفي أسر فمر به النبي صلى الله عليه وسلم يوما فأسلم، فبعث به إلى حائط أبي طلحة فأمره أن يغتسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد حسن إسلام صاحبكم" (?).

الرابع: وقيل: هو الختان لأنّه يصبغ صاحبه بالدم (?).

الخامس: وقيل: : إنه حجة الله، عن الأصم (?).

السادس: وقيل: إنه خلقة الله، قاله أبو عبيدة (?)، وأجازه الزجاج (?).

من صبغت الثوب إذا غيّرت لونه وخلّقته. فيكون المعنى: إنّ الله ابتدأ الخلقة على الإسلام، دليله قول مقاتل في هذه الآية: {فِطْرَتَ اللَّهِ} [الروم: 30] أيْ "دِيْنَ اللهِ" (?)، ويوضِّحه قول رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه" (?) (?).

السابع: هو سنة الله. حكاه الثعلبي عن أبي عبيدة (?).

الثامن: أن {صِبْغَةَ اللَّهِ}، أيْ: وجْهَةَ اللهِ؛ بمَعْنَى الْقِبْلَةِ. قاله ابنُ كيسان (?).

التاسع: وقيل: إن القربة إلى الله تعالى يقال لها صبغة، حكاه ابن فارس في المجمل (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015