7 - ومنها: أن الرسل ليسوا مستقلين بهذه الآيات؛ فلا يملكون أن يأتوا بهذه الآيات، أو بهذا الوحي؛ فهم يتلقون من الله؛ حتى الرسول صلى الله عليه وسلم إذا طُلب منه الآيات لا يستطيع أن يأتي بها؛ ولهذا لما اقترح المكذبون عدة آيات قال تعالى: {قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولًا} [الإسراء: 93]، وقال تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين} [العنكبوت: 50]، أي فلا أملك أن آتي بالآيات.

8 - ومنها: أنه ينبغي للمؤمن أن يشعر أنه هو وإخوانه كنفس واحدة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» (?) وشبّك بين أصابعه؛ لقوله تعالى: {ونحن له مسلمون}: فأتى بضمير الجمع: {قولوا آمنا بالله ... ونحن ... }.

9 - ومنها: أن الإسلام لا بد أن يكون بالقلب، واللسان، والجوارح؛ لإطلاقه في قوله تعالى: {مسلمون}؛ فيستسلم قلب المرء لله - تبارك وتعالى - محبة، وتعظيماً، وإجلالاً؛ ويستسلم لسانه لما أمره الله سبحانه وتعالى أن يقول؛ وتستسلم جوارحه لما أمره الله تعالى أن يفعل.

القرآن

{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)} [البقرة: 137]

التفسير:

فإنْ آمن الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم بمثل الذي آمنتم به، مما جاء به الرسول، فقد اهتدوا إلى الحق، وإن أعرضوا فإنما هم في خلاف شديد، فسيكفيك الله -أيها الرسول- شرَّهم وينصرك عليهم، وهو السميع لأقوالكم، العليم بأحوالكم.

في سبب نزول الآية: قال مقاتل: " لما نزلت هذه الآية [{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّه}]، قرأها النبي- صلى الله عليه وسلم- على اليهود والنصارى، فقال: إن الله- عز وجل- أمرني أن أوصي بهذه الآية، فإن انتم آمنتم يعني صدقتم بالنبي- صلى الله عليه وسلم- والكتاب، فقد اهتديتم وإن توليتم وأبيتم عن الإيمان فإنما أنتم في شقاق، فلما سمعت اليهود ذكر عيسى- صلى الله عليه وسلم- قالوا: لا نؤمن بعيسى. وقالت النصارى: وعيسى بمنزلتهم مع الأنبياء، ولكنه ولد الله. يقول: إن أبوا أن يؤمنوا بمثل ما آمنتم به فسيكفيكهم الله يا محمد يعني أهل الكتاب ففعل الله- عز وجل- ذلك فقتل أهل قريظة، وأجلى [بني] النضير من المدينة إلى الشام" (?). ونقله عنه ابن حجر ملخصا (?).

قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة: 137]، " أي: فإِن آمن أهل الكتاب بنفس ما آمنم به معشر المؤمنين، فقد اهتدوا إِلى الحق كما اهتديتم" (?).

قال ابن عباس: " أخبر الله سبحانه أن الإيمان هو العروة الوثقى، وأن لا يقبل عملا إلا به، ولا يحرم الجنة إلا على من تركه" (?).

وعن الربيع: " ثم قال: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}، فقال: من تكلم بهذا صدقا من قلبه- يعني- الإيمان فقد اهتدى" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015