قال الحافظ ابن حجر: الأسباط: " اسم إخوة يوسف: رُوْبِيْل بضم الراء وسكون الواو وكسر الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ثم لام وهو أكبرهم، وشمعون بالشين المعجمة، ولاوي، ويهوذا، وداني، ونفتالي بفاء ومثناة، وكاد، وأشير، وأيساجر، ورايلون، وبنيامين (?)، وهم الأسباط" (?).
وقد اختلف في (الأسباط) هل كان فيهم أنبياء، وفيه قولان:
أحدهما: أنه كان فيهم أنبياء (?).
والثاني: أنه لم يكن فيهم نبيّ.
والراجح أنه كان فيهم أنبياء، يدل عليه ظاهر هذه الآية، وقوله تعالى {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ} [آل عمران: 84] وقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ} [النساء: 163]، فهذه الآيات تدل على نبوة الأسباط إذ عطفهم في نسق واحد على الأنبياء-عليهم الصلاة والسلام-، ولا يوجد ما يمنع هذا الظاهر لغة أو شرعاً حتى يقال إن الأسباط في هذه الآيات قبائل بني إسرائيل وأن هناك حذفاً تقديره: أنبياء الأسباط أو نحو ذلك، على أن القول بوجود حذف خلاف الأصل. أما ما قيل: من أن كيد إخوة يوسف ليوسف يتنافى مع القول بنبوتهم، فيقال: ذاك قبل النبوة، بل قد قيل إنه قبل البلوغ، والعصمة للأنبياء إنما تكون بعد الإيحاء إليهم على الصحيح، على أن ظواهر النصوص الثابتة لا ينبغي ردها بمثل ذلك. أما ما قيل من أنه لم تأت نصوص صحيحة تثبت نبوتهم، فيقال إن ظواهر تلك الآيات كاف في ذلك، ولابد من القول بها حتى تأتي نصوص صحيحة صريحة تفيد عدم نبوتهم، فيلجأ عندها إلى القول بالحذف ونحوه جمعاً بين النصوص وإعمالاً لها كافة، أما هكذا فلا. وأما قوله-عز وجل-عن بني إسرائيل في زمن موسى {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعراف: 160] فالمراد به قبائل بني إسرائيل المنحدرة من أبناء يعقوب عليهم السلام، ولا يوجد مانع يمنع أن يراد بلفظ في سياق معنى، ويراد به في سياق آخر معنى آخر، والله أعلم.
و{الأسباط}: مشتق من السبط، وهو ضرب من الشجر، يعلفه الإبل، كأنه جعل إسحاق بمنزلة شجرة، وكذلك يفعل النسابون في النسب، يجعلون الوالد بمنزلة الشجرة، ويجعلون الأولاد بمنزلة أغصانها (?).
وقال أبو العباس: "سألت ابن الأعرابي، ما معنى (السبط)، في كلام العرب؟ فقال: السِّبط والسِّبطان والأسباط: خاصة الأولاد، أو المُصاص منهم" (?)
قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 136]، أي: "وآمنا أيضًا بالتوراة التي آتاها الله موسى، وبالإنجيل الذي آتاه الله عيسى، والكتب التي آتى النبيين كلهم" (?).
قال مقاتل: " {وما أوتي موسى}، يعني التوراة (و) {ما أوتى عيسى}، يعني: الإنجيل، يقول ما أنزل على موسى وعيسى وصدقنا وما أوتي النبيون من ربهم وأوتي داود وسليمان الزبور" (?).
قال الطبري: أي" وأقرَرنا وصدّقنا أن ذلك كله حَق وهُدى ونور من عند الله، وأن جَميع من ذكر الله من أنبيائه كانوا على حق وهدى، يُصدِّق بعضهم بعضًا، على منهاج واحد في الدعاء إلى توحيد الله، والعمل بطاعته" (?).