القيامه الصغري (صفحة 172)

فسَاد المسلمين

إنما يتحقق للأمة الرقي والسؤدد بمقدار ما يكون فيها من أفراد صالحين يتمثلون في أنفسهم القيم الفاضلة، والأخلاق الحميدة، ساعين إلى إقامة العدل في عالم الواقع، وتقويم المعوج، وإصلاح الفاسد، وهؤلاء هم الذين حملوا الأمانة التي أبت السماوات والأرض حملها، وأشفقت من ذلك: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب: 72] .

والأمانة ما ائتمن الله عليه العباد من الإيمان والتكاليف، ومن ذلك أداء ما للعباد من مال وحقوق، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمانة سترفع، وهذا الرفع تدريجي، ففي زمن حذيفة لاحظ شيئاً منه، ولكنه في زمننا هذا كثير، وسيأتي زمان يكون أكثر مما نحن فيه.

روى مسلم في صحيحه عن حذيفة رضي الله عنه، قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخر " حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة، قال: ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظلُّ أثرها مِثلَ الوَكْت، ثم ينام النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مِثلَ المَجْل كجَمْرٍ دحرجه على رجلك، فَنَفِط، فتراه مُنْتبراً، وليس فيه شيء، ثم أخذ حصىً فدحرجه على رجله، فيصبح الناس يتبايعون، لا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015