وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا تزال طائفة من أمته على الحق لا يضرهم من خذلهم, ولا من خالفهم إلى قيام الساعة, فلا يزال غرس الله الذين غرسهم في دينه يغرسون العلم في قلوب من أهلهم الله لذلك وارتضاهم, فيكونون ورثة لهم كما كانوا هم ورثة لمن قبلهم, فلا تنقطع حجج الله, والقائم بها من الأرض.
وكان من دعاء بعض من تقدم: اللهم اجعلني من غرسك الذين تستعملهم بطاعتك.
ولهذا ما أقام الله لهذا الدين من يحفظه ثم قبضه إليه إلا وقد زرع ما علمه من العلم والحكمة, إما في قلوب أمثاله, وإما في كتب ينتفع بها الناس بعده وبهذا وبغيره فضل العلماء العباد، فإن العالم إذا زرع علمه عند غيره, ثم مات جرى عليه أجره, وبقي له ذكره, وهو عمر ثان وحياة أخرى, وذلك أحق ما تنافس فيه المتنافسون, ورغب فيه الراغبون. انتهى كلامه رحمة الله تعالى.
ومن تأمل الواقع في زماننا من حال المسلمين والمنتسبين إلى الإسلام رآه مطابقًا لما في حديث أنس رضي الله عنه؛ فقد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أكثر الأقطار الإسلامية ووهي جانبه في البلاد التي فيها أمر ونهي.
وقد ظهر الأدهان في الخيار, والفقه في الصغار والرذال, والفحش والفاحشة في الأشرار، ولا سيما أهل البلدان التي قد ظهرت فيها الحرية الإفرنجية.
وقد آل الأمر ببعضهم إلى الإباحية وعدم الغيرة.