وقد ذكر عن بعض أهل البيوت الكبار أنهم إنما يسافرون إلى بلاد الكفار والمرتدين لأجل المسارح والراقصات ومخادنة الفتيات الفاتنات, وهذا مطابق لقوله - صلى الله عليه وسلم - والفاحشة في كباركم.
وأما قوله: والملك في صغاركم, فظاهر من حال كثير من رؤساء الجمهوريات الذين تغلبوا على الملك, وليس لذلك بأهل. هذا إن قلنا: إن المراد بالصغر ههنا صغر القدر. وإن قلنا أن المراد به صغر السن, فقد وقع ذلك أيضًا في زماننا وقبله بأزمان حيث تولى الملك كثير من صغار السن, والله أعلم.
الحديث الرابع: عن أبي الجلد حيلان بن فروة عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تذهب الأيام والليالي حتى يخلق القرآن في صدور أقوام من هذه الأمة, كما تخلق الثياب, ويكون ما سواه أعجب إليهم, ويكون أمرهم طمعًا كله لا يخالطه خوف، إن قصر عن حق الله منته نفسه الأماني، وإن تجاوز إلى ما نهى الله عنه قال: أرجو أن يتجاوز الله عني, يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب أفضلهم في أنفسهم المداهن» قيل: ومن المداهن قال: «الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر» رواه أبو نعيم في الحلية.
وهو مطابق لحال الأكثرين في زماننا غاية المطابقة.
وقد روي نحوه عن أبي العالية. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في الزهد حدثنا عبد الصمد، حدثنا هشام يعني الدستوائي، عن جعفر يعني صاحب الأنماط عن أبي العالية قال: يأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن, ولا يجدون له حلاوة, ولا لذاذة؛ إن قصروا عما أمروا به قالوا: إن الله غفور رحيم, وإن عملوا بما