فهذه أحاديث متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا تزال في أمته أمة على الحق والاستقامة ظاهرين على من ناوأهم لا يضرهم من خذلهم, ولا من خالفهم, حتى يأتي أمر الله, وهم على ذلك.

قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: هم أهل العلم. قال الترمذي في جامعه: قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري: قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث.

قلت: وكذا قال ابن المبارك وأحمد بن سنان، وابن حبان، وغيرهم.

وقال يزيد بن هارون: إن لم يكونوا أهل الحديث, فلا أدري من هم، وكذا قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

والمراد بقولهم أهل العلم وأهل الحديث جملة العلم والحديث ورعاة الدين الذين جمعوا بين العلم والعمل, لا الفساق والسفهاء الذين حملوا العلم, ثم لم يحملوه, بل أهانوه ودنسوه بالأطماع واتباع الشهوات والأهواء, فكانوا كمثل الحمار يحمل أسفارًا.

ومما يدل أيضًا على أن العموم غير مراد ما رواه البخاري في الكنى وابن ماجة في سننه وابن حبان في صحيحه عن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه، وكان قد صلى القبلتين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم في طاعته».

قال الإمام أحمد رحمه الله: هم أصحاب الحديث.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: غرس الله تعالى هم أهل العلم والعمل، فلو خلت الأرض من عالم خلت من غرس الله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015