(3) الاستعانة على التحصن في العزبة. قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (مَنِ استطاعَ منكم الباءَةَ فليتزوجْ، فإنه أَغَضُّ للبصر، وأَحْصَنُ للفَرْجِ، ومَنْ لم يستطعْ فعليه بالصوم فإنه له وِجَاءٌ) (?) . وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: (الصيام جُنَّةٌٌ..) (?) .
وفي الصوم تربيةٌ نفسية وروحية وخُلُقِيَّةٌ وصحيه، كما أنه تربية اجتماعة. وهو سِرٌّ بين الإنسان ورَبِّه، لا يكون فيه الرياء ولا الخداع. فيه تصفو النفوس، وتضعف نوازع الشرّ، وتقوى بواعث الخير. يشعر فيه الإنسان بألم الجائعين، فيتألم لألمهم، ويجود فيغدق عليهم بالخير.
الركن الخامس: حج البيت
الحجُّ عبادة موسمية من مواسم الخير يكون في شهر ذي الحجة. وفي أداء هذه الفريضة وَصْلُ حاضِرِ الأمة بماضيها، وربطُ المسلمين بتاريخ هذا البيت العتيق، فكل موقف من مواقف الحج مرتبط بِحَدَثٍ يُثير في نفوس الحجاج الذكريات.
وفي أدائه تحقيقُ المساواة بين الناس على الرغم من اختلاف أجناسهم وألوانهم، وتباين ألسنتهم، وتباعد بلادهم، فالجميع ربُّهم وخالقُهم واحدٌ، كلُّهم من آدمَ، وآدمُ من ترابٍ، يذكرون الله تعالى ويلبونه، ويتذللون له في كل موقف، وكل مكان، وفيه تقوية أواصر الأخوة والمحبة التي تربط المسلم بخالقه. وهو فرض في العمر مرةً واحدةً.
قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران: 96 - 97) . وقال سبحانه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} (البقرة: 197) .
وعن «أبي هريرة» قال: سُئل رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: أيُّ العمل أفضلُ؟
قال: (إيمانٌ بالله ورسولِهِ) .
قيل: ثم ماذا؟ قال: (جهادٌ في سبيل الله) .
قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور) (?) .
والحج المبرور، أي: المقبول، وهو الذي لا تقع فيه معصية ولا يخالطه إثم، ويزداد بعده في فعل الخير، ولا يعاوِد المعاصيَ بعد رجوعه. وفي عرفات أعلنَ النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - في خطبته التاريخية في حجة الوداع المساواةَ بين الناس. فقال: (إن دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا) .
وقال: (فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتُموهن بأمانِ الله، واسْتَحَْلَلْتُم فروجَهُنَّ بكلمةِ الله، ولكم عليهن أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحداً تكرهونَه، فإنْ فَعَلْنَ ذلك فاضربوهُنَّ ضَرْباً غير مُبَرِّحٍ، ولهن عليكم رزقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف، وقد تركتُ فيكم ما لن تَضِلُّوا بعده إن اعْتَصَمْتُم به: كتابُ الله....) .
وفيه الأساسيات الآتية:
الأساس الأول: الدعوة إلى الله.
الأساس الثاني: الأمر بالمعروف، والنهيُ عن المنكر.
الأساس الثالث: طاعة وليّ الأمر.
الأساس الرابع: الجماعةُ رحمةٌ، والفُرْقَةُ عذابٌ.