تلك المؤسسات في تحقيق أهداف الدولة الزنكية وساند تلك المؤسسات حركة الأوقاف الواسعة التي استخدمها نور الدين لضمان استمرارية وديمومة تلك المؤسسات.

102. لم يكن التعليم لدى دولة نور الدين مجرد نشاط أكاديمي يستهدف توفير الموظفين والمهنيين، وإنما كان بالدرجة الأولى نشاطاً عقائدياً استهدف إعادة صياغة الجماهير المسلمة بما يتفق وأهداف الإسلام والحاجات القائمة وكانت الصفة الجماعية للنشاط التعليمي الذي رافق الدولة الزنكية تبدو واضحة من تباري الوزراء القادة والأغنياء والرجال والنساء في إنفاق أموالهم في بناء المدارس والمؤسسات التعليمية وتوفير الفرصة لجميع أفراد الأمة لدخولها والاستفادة منها، فقد أعطت الخطة الزنكية أهمية خاصة لتعليم كافة المسلمين من عمال وفلاحين ومزارعين من الكبار والصغار والرجال والنساء وعملت الخطة على تعليم الجميع أصول العقيدة وأركان الدين والقيم والمبادئ الإسلامية، كما عمدت الخطة الحكيمة على تعرية المذاهب الهّدامة، والفرق الضالة من إسماعيلية باطنية، وشيعية إمامية، وشعوبية، وأبانت عن خطرها وضررها على النفس والمجتمع والأمة وأن لا خروج من المحنة ولاخلاص من الضياع إلا بالعودة إلى روح الدين النقية الطاهرة في صورتها الأولى التي كان عليها سلف هذه الأمة دون زيادة أو نقصان، ودون تعقيدات فلسفية ومجادلات كلامية لا

طائل من ورائها ولا خير فيها ولا في مروجيها.

103. بلغ اهتمام المرأة المسلمة بالدراسات الشرعية درجة كبيرة لتتعرف على تعاليم الإسلام الصحيحة لتطبيقه عملياً، وكانت دراسة الحديث تأخذ القسط الأوفى من هذا الاهتمام حيث بلغ كثير من النساء بهذا العلم درجة عالية ونافسن فيه كبار الحفاظ والمحدثين وكنّ مثالاً رائعاً للأمانة والعدالة وقد أشارت كتب التراجم والطبقات إلى النشاط العلمي الملموس لهذه الفئات في العهد الزنكي حيث ذكرت تلك المصادر أسماء العديد من المقرئات والمحدثات والفقيهات والأديبات والنحويات إلى غير ذلك من العالمات بالعلوم الأساسية الأخرى.

104. شملت النهضة العلمية في العهد الزنكي مختلف العلوم فلم يقتصر الاهتمام بالعلوم الشرعية واللغوية والأدبية دون غيرها، فقد نالت ميادين علمية كثيرة نصيباً من اهتمامات الدارسين والباحثين، وقدمت فيها دراسات علمية رائدة وصنفت فيها كتب مهمة، اعتمد عليها كثير ممن جاء بعدهم حيث ظهرت دراسات متخصصة في العلوم التاريخية والجغرافية وعلوم الرياضيات والفلك وتدريس الطب في كثير من المستشفيات المنتشرة في المدن الزنكية وظهر من بين المشتغلين بهذه التخصصات علماء كان لهم أثر كبير في إثراء المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات المتخصصة التي ظلت رافداً للعلوم الإسلامية حتى الوقت الحاضر.

105. إزداد الاهتمام بالدراسات الاجتماعية في العهد الزنكي وبخاصة في ميداني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015