إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما " (الأحزاب: 71، 70).
يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى، فالله تعالى الحمد كما ينبغي لجلاله وله الثناء كما يليق بكماله، وله المجد كما تستدعيه عظمته وكبرياؤه أما بعد:
فهذا الكتاب يتحدث عن البطل والمجاهد الشهير نور الدين محمود الشهيد الملك العادل، فذكرت في هذا الكتاب سيرته وترتيبه أوضاع البيت الزنكي مع أخيه، سيف الدين غازي، واتفاقهم على توحيد الكلمة ومناصرة بعضهم البعض ضد الأعداء،
وأصبح سيف الدين غازي أمير الموصل ونور الدين محمود أمير على حلب، وتوسعت في ذكر مفتاح شخصية نور الدين زنكي وشعوره بالمسؤولية وحرصه على تحرير البلاد من الصليبيين وخوفه من محاسبة الله له وشدة إيمانه بالله واليوم الآخر وقد كان هذا الإيمان سبباً في التوازن المدهش والخلاّب في شخصيته، فقد كان على فهم صحيح لحقيقة الإسلام وتعبد الله بتعاليمه، وتميزت شخصيته بمجموعة من الصفات الرفيعة والأخلاق الحميدة والتي ساعدته على تحقيق انجازاته العظيمة والتي من أهمها؛ الجدية، والذكاء المتوقد، والشعوربالمسؤولية، والقدرة على مواجهة المشاكل والأحداث، ونزعته للبناء والأعمار، وقوة الشخصية ومحبته لله ومحبة الناس له والليقة البدنية العالية، وتجرده وزهده الكبير، حتى قال الشاعر فيه:
ثنى يده عن الدنيا عفافاً ... ومال بها عن الأموال زهد
وقال فيه آخر:
لا زلت تقفوا الصالحين مسابقا ... لُهُم وتَطْلُعُ خلفك الأبرار
نفس السيادة زهد ملك في الذي ... فيه تفانت يَعْربُ ونزار
وتحدثت عن شجاعته التي قال الشاعر فيها: