جميعها في الأقطار الإسلامية المجاورة، ولقد علق ابن الأثير على ذلك فقال: قد طالعت تواريخ الملوك المتقدمين من قبل الإسلام ومنه إلى يومنا هذا فلم أرى فيه بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز ملكاً أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين الدين، ولا اكثر تحرياً للعدل والإنصاف منه. قد قصر ليله ونهاره على عدل ينشره وجهاد يتجهز له، ومظلمة يزيلها، وعبادة يقوم بها وإحسان يوليه وإنعام يسديه، فلو كان في أمة لا فتخرت به فكيف في بيت واحد.

98. كانت خزائن دولة نور الدين تحظى دوماً بالقدر الكافي من المال، وكانت الدولة لها القدرة على الإنفاق في المجال العسكري والاجتماعي والتعليمي، وغيرها، فقد كان مصادر دخل دولة نور الدين متعددة منها؛ نظام الإقطاع الحربي، والزكاة والخراج والجزية، والغنائم وفداء الأسرى والأموال العظيمة التي خلقها أبوه عماد الدين، والأمانة الكبيرة التي تميز بها نور الدين وحكومته الرشيدة، وساهم استتباب الأمن والاستقرار الداخلي في انتعاش الحركة الاقتصادية للدولة، ومساهمة الأثرياء، ودعم الخليفة العباسي، و ... إلخ.

99. سعى نور الدين محمود إلى تقديم أوسع الخدمات الاجتماعية لشعبه وجعل مؤسسات الدولة أدوات صالحة في خدمة الجماهير وسعت لتغطيت شتى الحاجات: ابتداءً من قضايا المسكن والملبس والمأكل وانتهاءً بقضايا الروح ومروراً بالحاجات الفكرية والصحية والعمرانية والانتاجية وقد أخذت هذه الخدمات أساليب وأشكالاً مختلفة فهي حيناً تأتي عن طريق التوزيع المباشر للمال وحيناً عن طريق (الإعانة) على تلبية حاجة معينة أو الفكاك من الأسر وحيناً ثالثاً عن طريق إنشاء مؤسسات ومرافق كالمستشفيات والملاجيء

ودور الأيتام والمدارس ودور الحديث والخانات والربط والجسور والقناطر والقنوات والأسواق والحمامات والطرق العامة والمخافر والخنادق والأسوار وحيناً رابعاً تجيء عن طريق نظم (الوقف) التي شهدت في عصر نور الدين قمة نضجها وتنظيمها وازدهارها وحيناً خامساً عن طريق عدد من الإجراءات التنظيمية التي استهدفت تحقيق الضمان الاجتماعي لقطاع ما من قطاعات الأمة، كان نور الدين يرى في الدولة جهاز خدمة وإنجاز لا أداة قسر واستنزاف.

100. اهتم نور الدين بالمساجد اهتماماً عظيماً، فقد كان لها دور عظيم عبر التاريخ الإسلامي، فهو أول وأهم أمكنة التعليم على الإطلاق وقد كان المسجد بالإضافة إلى كونه محل عبادة المسلمين يجتمعون فيه خمس مرات في اليوم لأداء الصلوات المفروضة عليهم وظل المسجد قاعدة مهمة في التربية والتعليم، ويروى العماد الأصفهاني أن نور الدين أمر بإحصاء ما في محلات دمشق من مساجد هجرت أو خربت فأناف على مائة مسجد فأمره بعمارة ذلك كله وعين له أوقافاً وأصلح أحوال المسجد الأموي والمساجد في دولته بالتعمير المادي والمعنوي.

101. اهتم نور الدين بمؤسسات المجتمع المدني، كالمدارس، والربط، والكتاتيب وساهمت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015