4 - تواصله مع نور الدين زنكي: كان ابن هبيرة مهتما بدعم نور الدين في جهوده ضد الصليبيين وكان يتابع عن كثب المشروع النوري لفتح مصر وقد حكى ابن المارستانية في سيرة بن هبيرة الوزير قال: إنه من عجيب ما جرى في أمر المصريين أنه رأى إنسان من أهل بغداد في سنة خمس وخمسين وخمس مئة، كأن قمرين أحدهما أَنْوَرُ من الآخر، والأنور منهما مُسامت للقبلة وله لحية سوداء فيها طُول، ويهبُّ أدنى نسيم فيحرَّكُها، وأثر حركتها وظلها في الأرض، وكان الرجل يتعجَّب من ذلك، وكأنه سمع أصوات جماعة يقرؤون بألحان وأصوات لم يسمع قط مثلهان وكأنه سأل بعض من حضر فقال: ما هذا؟ فقالوا: قد استبدل النّاس بإمامهم. قال الرجل قد استقبل القبلة وهو يدعو الله أن يجعله إماماً بّراً تقيّاً، واستيقظ الرّجل وبلغ هذا المنام ابن هبيرة الوزير إذ ذاك ببغداد، فعبَّر المنام بأنَّ الإمام الذي بمصر يُسْتَّبدُل به، وتكون لبني العباس لمكان اللَّحية السوداء وقوي هذا عنده حتى كاتب نور الدين حين دخل أسد الدَّين إلى مصر في أوَّل مرة بأنه يظفر بمصر وتكون الخطبة لبني العباس بها على يده (?).
5 - وفاته وهو ساجد: كان ابن هبيرة يسأل الله الشهادة ويتعرض لأسبابها، وفي ليلة ثالث عشرة جُمادي الأولى سنة ستين وخمس مئة استيقظ وقت السَّحَر، فقاء، فحضر طبيُبُه ابن رشادة، فسقاه شيئاً، فيقال: إنه سمَّه فمات، وسقي الطبيب بعده بنصف سنة سُمّاً، فكان يقول: سَقَيْتُ فُسقيت (?) قال ابن الجِوزي: .. ورأيتُ أنا وقت الفجر كأني في دار الوزير وهو جالس، فدخل رجل بيده حربة، فضربه بها، فخرج الدم كالفَّوارة، فالتفتُّ فإذا خاتم ذهب، فأخذته، وقلت: لمن أُعطيه؟ أنتظر خادماً يخرج فأُسلَّمهُ إليه، فانتبهت فأخبرت من كان معي، فما استتممت الحديث حتى جاء رجل، فقال: الرجل: هذا محال، أنا فارقته في عافية أمس العصر، فنفَّذوا إليَّ، وقال لي ولده لابد أن تغسله فغسلته، ورفعت يده ليدخل الماء في مغابنه، فسقط الخاتم من يده حيث رأيت ذلك الخاتم، ورأيت آثاراً بجسده ووجهه تدلُّ على أنه مسموم وحملت جنازته إلى جامع القصر، وخرج معه جمع لم نره لمخلوق قط وكثر البكاء عليه لما كان يفعله من البِرَّ والعدل، ورثته الشعراء (?) وذكر أبو شامة بأنه توفي وهو ساجد في صلاة الصبح (?). وقال عنه: وهو الذي محا رسوم سلاطين العجم من العراق وأجلاهم عن خطتها بحسن تدبيره. ومن كلامه لبعض من كان يأمر بالمعروف: اجتهد أن تستر العُصاة فإن ظهور معاصيهم عيب في الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب (?). وقال