الفوز.
فما من يوم يمضي؛ وشهر ينقضي؛ ألا ويصل منهم ؤسول، ويتصل به سول. وتنجلي غمة، وتتجلى نعمة. وتتجه بشرى وتستبشر وجوه، ويكف مكر ويكفى مكروه.
ونظر في أحوال عكاء فربتها، وفي أمورها فهذبها. وفي مضارها فأذهبها، وفي منافعها فقربها. وولى (عز الدين جرديك) بها واليا، وأعاد عطلها بفضل ولده الملك الأفضل حاليا. ووقف بها وقوفا، وأجنى المستحقين منها قطوفا، وأسدى معروفا، وأعطى ألوفا، وأرغم من الأعداء أنوفا، وكانت فتوحه لهم حتوفا. ووقف نصف دار الاسبتار رباطا للمتصوفة، وللوافدين من أهل الطريقة والمعرفة، ونصفها مدرسة للمتفقهة، ولطلبة المتعففة المتنزهة. فجمع بين العلم والعمل، والنجح والأمل، وكتب الرزق لهم إلى كتاب الأجل. واتخذ لطلب مرضاة الله دار الأسقف بيمارستان المرضى وأتى بكل ما بحبه الله وبه يرضى.
فلم يبق سنة إلا خلدها، ولا منة إلا قلدها. ولا أجرا إلا أجراه، ولا هدى إلا أهداه. ولا أمرا إلا امره، ولا ددرا إلا أدره. ولا فريضة إلا أداها، ولا فضيلة إلا أتاها. ولا فرصة صواب إلا انتهزها، ولا حصة ثواب إلا أحرزها. ولا رمم فواضل إلا أنشرها ونشرها، ولا أمم فضائل إلا حشدها وحشرها. وما ترك قارئا إلا قراه، ولا راويا ألا أشبعه وأرواه. ولا حافظ حديث أحفظه من الحدثان، ولا محسن
صنعة إلا اصطنعه بالإحسان. ولا ناظم مدائح إلا نظم له المنائج. ولا موافيا بقريض إلا وفي قروضه، واعجز عن القيام بحمل حمده نهوضه.
وتقدم إلى الوالي بالتردد في الأعمال، وتفقد الأحوال. وسد الخلة وتسديد الاختلال. وتعليل السقيم وتسقيم المعتل، وتحليل العقد وتعقيد المنحل. فاستقرت بولايته الولاية، واستمرت لرعيته الرعاية. ودرت افاويق الآفاق، ودارت أسواق الأرزاق.
للرسالة في العتب على أحداث ثقلت. وأحاديث نقلت. ووشايات أثرت وأرثت. وسعايات في السلطان عثت. في الأحوال وشعثت وذلك في شوال. ونحن على حصار صور ونزاع ونزال (ذكر السبب في ذلك)
لما تم الفتح الأكبر؛ وخص وعم النجح الأظهر؛ وقطع دابر المشركين؛ وحط إقبال المسلمين أوزار أدبار الكفر بحطين؛ أمرني السلطان بإنشاء كتب البشائر إلى الآفاق، وتقديم البشرى به إلى العراق. فقلت هذا فتح كريم، ومنع الله عظيم، وملك عقيم، وسمو وسيم، فلا يجب أن يكون مبشر دار الخلافة، بما أنزل الله لنا من الرحمة