في الكفاح فدواء دواتي أنجع، ومدد مدادي أنفع، ويراع براعتي القصير أطول، وسلاح قلمي أجذ واحد وافتك وأقتل، وما اجتمعت هذه العساكر

الإسلامية الا بقلمي، ولا تفرقت جموع الكفر إلا بكلمها من جوامع كلمي.

فقال: ما هذا بدليل، ولا يعيد تحريما إلى تحليل. حتى فلت له: أن الشيخ أبا محمد - والد الإمام أبي المعالي - قد ذكر وجها في جوازه ونحن نتبعه، فلا وجه مع هذا الوجه المحلل لمن يحظره ويمنعه، فلم أكتب بعدها عنده إلا من الشبه، وتجنبت طرق الشبه. وتركت المحلاة - مخلاة، وعادت الشبهية مجتباة مجتناه.

وكان محافظا على الصلوات الخمس في أوائل أوقاتها، مواظبا على أداء مفروضاتها ومسنوناتها، فما رأيته صلى إلا في جماعة، ولم يؤخر له صلاة من ساعة إلى ساعة. وكان له إمام راتب، ملازم مواظب. فإن غاب يوما صلى به من حضره من أهل العلم، إذا عرفه متقيا متجنبا للإثن. وكانت لملازمتي إياه إماما في الصلوات ومستشارا في المشورات.

وكان يأخذ بالشرع ويعطي به، وينفق من حل المال وطيبه. ويجود بالموجود، وبالمعدوم في الحال رجاء الوجود، فما تتجدد إلا ويستوعبها إنجاز الوعود.

ولم يكن إلى المنجم مصغيا، ولم يزل لقوله ملغيا. فما عنده منجي لمن جاء بمين المنجمين، ولا قبول لمنطق المنطقيين. فلا يفضل يوما على يوم، ولا زمانا على زمان، إلا بتفضيل الشرع واستقصاء الدين في كل قاص ودان. ولا يتعيف ولا يتطير، ولا يعين وقتا ولا يتخير. بل إذا عزم نوكل على الله، وأقبل على محكم أمره وأعرض عن مظان الاشتباه. فكم فل سفه الفلسفة، ودل بمعروفه على المعرفة.

وما زال ناصرا للتوحيد؛ قامعا جمع أهل البدع بالتبديد، مستجليا سنى السنة، مستحليا جنى الجنة. شافعي المذهب أصولا وفروعا، معتقدا له معقولا ومسموعا. يدني أهل التنزيل، ويقصى أهل التشبيه، ويديم استفادة فقه الفقيه، واستزادته بنباهة النبيه، ووجاهة الوجيه. فالعللون في عدله، والعللون في فضله، والبلاد في

أمنه، والعباد في منه، والبرية في بر سعيه. والإسلام في حماية حميته، والدين في ادالة دولته.

وشرعة الشريفة صافية بصفائه، ومادة المودة المودة له وافية لوفائه. وقامت بعده طريرة طرية، من العار عرية، وببر البرية من الشائبات والشائنات برية، وبالحرية حرية. وبسرور السريرية. فقد عزت وفضلت وظهرت بعزيزها، وأفضلها وظاهرها، وفخرت بمفاخرها، ورويت بروائهم آثار مآثرها، وتبلجت الآفاق وتأرجت بحسن تباشيرها وطيب بشائرها، وبرزت الأرض في أزهارها والسماء في زواهرها.

والحمد لله مجرى الأقدار، ومصفى الاكدار، ومدبر الليل والنهار، ومدبر الإيراد والإصدار. وسلم تسليما كثيرا آمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015