سلك الاتساق ومسلك الاتساع نظيم نثبر. وأنزل بقرب أخيه مظفر الدين في الميسرة، وتمكن الرعب بما تم من الجمع في قلوب الكفرة.
كان السلطان قد أمر بتعمير أسطول آخر من مصر تصل فيه الذخيرة والميرة، والعدد الكثيرة. فلما كان ظهر يوم الخميس ثامن جمادى الاولى؛ ظهر الأسطول، وتم بظهوره النصر المأمول. فركب السلطان في جحافله، وسدد سهام الردى إلى العدو ومقاتله. وأحدق به حول خنادقه، ليوسع عليه الهلاك في مضايقه. وليشغل الفرنج عن قتال الأسطول، ويسهل عليه بتشاغلهم طريق الوصول. فعمر الفرنج أسطولا، وصف شوانيه على البحر عرضا وطولا. وقد إنه يلاقى الأسطول المنصور، ويحظر بسد الطرق عليه وصدها العبور. فجاءت مراكبنا ونطحت مراكبهم وطحنتها، وأوهت منتها وأوهنتها. وأخذنا لهم مركبا، واخذوا لنا مركبا،
وكان تقصير الرؤساء في حفظه لأخذه سببا. واتصل الحرب في البر إلى حين غروب الشمس، وعاد المسلمون بحبور القلب وسرور النفس. وقتل من الفرنج عدة وافية، وكلاءة الله لنا ولأصحابنا واقية. ووصفت هذه الحالة في مكاتبة كتبتها لتعرف منها الصورة وتكشف القضية المستورة وهي هذه المكاتبة مبشرة بما سناه الله من النصر الهنى، وهناه من النجح السنى، وأجنى المسلمين من ثمر الظفر الجنى.
وذلك بوصول الأسطول الثاني المصري المنصور؛ ظهر يوم الخميس متظاهرا بإمداد الظهور، متوافرا بوفود الوفور، ودخوله سالما غانما إلى ثغر عكاء المحروس المعمور، فأثرى البلد بعد انفاضه، واجتمع إليه مدد القوة بعد انفضاضه. واستجد جدة وافية، وعصمة واقية، وذخيرة كافية.
وكان الفرنج عند وصول أسطولنا المنصور قد جهزت مراكبها، وأبرزت مناكبها، وحمت بالرجال والعدد جوانبها، وسنمت غواربها، ورفعت هضابها وهواضبها، وسحبت على ثبج البحر سحائبها، وأدبت إلى عقبان أساطيلنا المحلقة بعقابها ثعابينها وعقاربها، وظنت أنها تستطيل على رواسي أساطيلنا بسواريها، وإنها تواجه عرائسها المجلوة بجور جواريها. فلما جاء الحق زهق الباطل، وصال الواصل، وحاص العدو من الحاصل. وانحل تركيب تلك المراكب، وحطت تلك المناكب بما أحاط بها من النواكب.
وخرج الأسطول الأول من الثغر مستبشرا بدخول الثاني، واجتمع شمل الشواني بالشواني. وتفرقت سفن العدو شذر مذر، وعذر حين ذعر فحذر. وكسبت شوانينا ست بطس