الخطب الملم بأنسه. ثم رأى المصلحة في الإقامة وتقديم ولده المشكور المشهور الشهامة، فأنهض العسكر المجر معه، ثم اتبعه بمن حشده وجمعه. فورد ورود السحاب الكنهور، ونور المطالع بسنى السنور، وأطلع بطلوعه على معنى البأس المصور.

واحتفل السلطان بقدومه احتفاله بقدوم عمه، وحافظ من الكرامة على توفير سهمه. وأنزله في سرادقه وأضافه. وأهدى له خيله وألطافه. وأمر بإنزاله في الميمنة بين ولديه الملكين الأفضل والظاهر، وضاق ذلك البر الواسع ببحر العساكر.

ولم يبق في أهل السلطان إلا من اقتدى به في الاحتفال بقدوم هؤلاء، واعتماد ما قام به البرهان على المخالصة في الولاء. والمسارعة إلى الضيافة والإهداء، والإعادة إلى المكارمة بعد الإبداء.

فصل من كتاب إلى صاحب الموصل في شكره على سيير ولده

الحمد لله الذي نصر الدين بأهله، وعجل بأنصاره جمع شمله، ووفق أسد عرين الملك أن يحمي خوزة الإسلام بشبله. وللمجلس في طوله اليد الطولى، والمنة الثانية التي اربت على الأولى. حيث حث همته العلية، وحض لحظ دينه عزمته الماضية المضية، وشرف بولده علاء الدين من تقلد بوروده أوفى منة، وتعجل من وفوده أقوى منة وأوقى جنة. فلقد ورد إلى الساحل بحرا، وطلع في ليل القساطل بدرا، وأسفر لمرتقبي صباح النصر فجرا، وجلا وجوه المؤمنين ببشراه بشرا، وملأ صدر الإسلام أمنا وقلب الكفر ذعرا.

ثم وصل (زين الدين يوسف بن زين الدين على كوجك) صاحب اريل، يوم الأربعاء في العشر الأخر من جمادى الأول، ذو السماح المؤمل والمجد المؤثل،

لجيش كالسحاب المسبل. فدرت إخلاف النصر بحفول ذلك الجحفل. وورد بكل ورد هنى، وجد سنى. وقدم بكل مقدام، وزأر خيس الجيش بكل ضرغام، وزأر بكل همام بالمنون همام. ووصل بكل واصل لسبب النصر، قاطع دابر الكفر. ووفد بكل وافد باليمن الوافي، والنجح الكافي، والعز الصافي، والعزم الشافي. وطلع بكل طالع بالسنى، جامع للمنى، فارع بالغنى، فارك للخنى، سافك دم الشرك بالظبا والقنا. وكان هذا أول يوم لقائه للسلطان، وأحسن بالإكرام وزاد في الإحسان. وكان يجمع بين الحماسة والسماحة، والبشاشة والرجاحة. والتودد إلى الناس، والتشدد بالبأس. والتواضع مع الكرام، ودنو الود مع علو الهمم. ماله مبذول، ونواله مأمول، وسيفه على الكفر مسلول وأمره بالطاعة في رعيته ومن في جملته مقبول. وهو مرجو مخشى، وكريم مغشى. ومهيب مرجو، ومحسن بسنى الحمد مجلو. وكان معه خلق كثير، في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015