ذكر فصول أنشأتها من كتب البشائر بالنار

صدرت مبشرة بما أجده الله من الجد، وأنجزه من الوعد، وأجزله من الرفد، وأعذبه حال الظمأ البرح من الورد. وذلك ما ظهر يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول من الاتفاق الحسن، والنصر الذي يقصر عن وصفه ذوو اللسن.

وهو أن أصحابنا بعكاء رموا بقدور النفط عدد العدو المدحور، واحرقوا جميع ما لهم من المذخور. واحترقت ثلاثة أبراج كانوا قدموها، ودبابات قربوها، ومنجنيقات نصبوها. ولهم منذ تسعة أشهر يجمعون هذه الآلات، ويستسهلون عليها الغرامات. حتى أقاموا أبراجا أعلى من أبراج السور بضعف سمكها، وقربوها ناكية في الثغر المحروس بفتكها. وشحنوا بالرجال المقاتلة طباقها، واطالوا على مناكب البلد أعناقها. فأشفق الإسلام من نكاياتها، وأظلمت الآفاق من غياباتها.

وكشفت من البلد جانبا، وجبت من سوره غاربا. فأقدر الله على إحراق ما عمل

في تلك المدة المديدة في ساعة، وأمسى العدو بقلوب وأفئدة مرتابة مرتاعة. وما أفصح السن النيران على تلك الأعواد خاطبة، وما أبسط أيديها على من كان فيها من الرجال للأرواح ناهبة سالبة.

فصل

هذه المكاتبة مبشرة بالظفر الذي ورت زناده، والنصر الذي قرب ميعاده. وذلك أن اصحابنا بثغر عكاء استظهروا وظهروا، وصبروا فانتصروا. ورموا من البلد أبراج الفرنج المنصوبة عليه بقدور النفط، وأنزلوها من سماء الرفعة إلى أرض الحط. وأطالوا بها السن النار المضرمة، ودبت من الأبراج المقربة إلى الدبابات المقدمة. وعلم العدو أن كرته خاسرة، وأن يده عن نيل المنى قاصرة.

فصل

هذه مبشرة بالظفر الهنى، والنجح السني. والنور اللامع من النار، والنصر الواري الزناد الطائر الشرار. وهو ظهور أصحابنا بعكاء يوم السبت ثامن عشري ربيع الأول، وقد خصهم الله بالنجح الأفضل الأكمل. وقد كان العدو قدم أبراجه، وسلك في المضايقة منهاجه، ولزم في الزحف الدائم لجاجه. فاستظهر الأصحاب عليهم وقت الظهر، ورموهم لقدور النفط المحرقة من الثغر. فطالت ألسنة النيران تدعو على أهلها بالبوار، وتبدى في تضرمها تضرعها إلينا للاعتذار. وشاهد أهل النار ما أعد لهم في سقر، وتلونا قول الله سبحانه فيهم (كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015