الدين شيركوه بن محمد ابن شيركوه) صاحب حمص والرحبة وهو بأكمل العدة، وأحسن الأهبة. وسابق الدين عثمان
(صاحب سيرز) وهو الذي ببسالته يقسر الليث القسور، و (عز الدين بن إبراهيم بن المقدم) المقدام، والهمام ابن الهمام، والكريم ابن الكرام، والأسد الضرغام، والسيد القمقام.
ووفد معهم جموع من الأجناد والأعيان، وحشود من العرب والتركمان. ففاض بهم الفضاء، واكتسى برياشهم العراء. وكثرت الجنود، وانتشرت البنود. وحلقت عقبان الألوية، وتلاحقت ذؤبان الأودية. ولمعت بوارق البيارق، وارتفعت عوائق البوائق. وحملت بواسق السوابق، وثبتت وثائق العلائق، وثبتت شقائق العقائق، ونظرت أحداق الحدائق، وتيسرت طرائق الطوارق.
وأعجبت أزهار الرايات، وانتهت غايات الغيايات، ونزلت بحسن الصنيع نصوص النصول، ودارت بيد الربيع فصوص الفصول. وعلت الأعلام. وحلت الأحلام. وومضت الموتضي ومضت، واقتضت القواضب القواضي وقضت.
وعريت البيض من الحلي، وغريت السمر بالكلى، واشتاقت لدات اللدان إلى العناق، وتاقت شفاه الشفار إلى لثم الأعناق، وتحدث الأحداث في المجاراة بإجراء العتاق. وطالت رقاب الرقاق إلى غلاظ الرقاب، وأعجم عن جمجمة الجماجم إعراب العراب. وحمى عزم البطل، ومحى رسم الملل. وعاد الجد إلى جدته، والحد إلى حدته، وخرج البرد من عدته، وفاز النصر بعدته، وجليت بنت الغمد في زي الهند ورى الفرند، وقطف ورد الورد للشد إلى الورد.
وقال الناس: إلام ننتظر، وعلام نصبر، ولم لا نشتغل، وكيف لا نشتغل، وحتام القعود، ومم الركود؟ ولماذا الرقود، وقد نظرت السعود، ونضر العود، وصدقت من أصحابنا الوعود؟.
فرحل السلطان وتقدم، وعزم على طلب العدو وصمم، ونزل على تل كيسان يوم الأربعاء ثامن عشر ربيع الأول، في الفصل الاعدل، والفضل الأكمل. وتدانى
العسكران، وتعالى العثيران، وتقارب القرنان، وتحارب الحزبان.
وترتب العسكر الإسلامي في نزوله ميمنة وميسرة وقلبا، وفي ركوبه على ترتيب منازلهم طلبا طلبا. فكان الملك المظفر تقي الدين في آخر الميمنة الميمونة، والملك العادل في آخر الميسرة المنصورة المصونة، والملك الأفضل في أول ميمن القلب، وأخوه الملك الظافر في أول ميسرته على الجنب.
والكتائب مكتبة، والمقانب مقنبة، والسماء بالنقع الثائر منقبة، والأرض بوقع الحافر مثقبة. والعساكر مترادفة، متوافرة متوافدة، متتابعة متواردة. متسابقة متلاحقة، متناسبة متناسقة، متوالية متوافية، متجارية متبارية، منقضة كالبزاة، منفضة إلى العداة. داعية إلى الانتصار، عادية على الكفار.